الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-173-7
ISBN الدورة:
الصفحات: ٥١٨
عثمان بن زياد ، قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : أكون في السفر فآتي الماء النقيع ويدي قذرة فأغمسها في الماء ، فقال : « لا بأس » .
محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن عبد الجبار ، عن محمّد بن سنان ، عن العلاء بن الفضيل ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام ، عن الحياض التي (١) يبال فيها ، فقال : « لا بأس إذا غلب لون الماء لون البول » .
أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن صفوان بن مهران الجمال ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام ، عن الحياض التي ما بين مكة والمدينة ، تردها السباع ، وتلغ فيها الكلاب ، وتشرب منها الحمير ، ويغتسل فيها (٢) الجنب ، يتوضّأ (٣) منها ؟ فقال : « وكم قدر الماء ؟ » قلت : إلىٰ نصف الساق وإلىٰ الركبة ، قال : « توضّأ منه » .
الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن الحسين بن عثمان ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي بصير ، قال ، قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّا نسافر ، ربما بلينا بالغدير من المطر يكون إلىٰ جانب القرية ، فتكون فيه العذرة ( ويبول فيه الصبي ) (٤) وتبول فيه الدابة وتروث ، فقال : « إن عرض في قلبك منه شيء [ فافعل ] (٥) هكذا ـ يعني افرج الماء بيدك ـ ثم توضّأ ؛ فإنّ الدين ليس بمضيق ، فإنّ الله
__________________
(١) ليست في الاستبصار ١ : ٢٢ / ٥٣ .
(٢) في الاستبصار ١ : ٢٢ / ٥٤ : منها .
(٣) في الاستبصار ١ : ٢٢ / ٥٤ : أيتوضّأ .
(٤) ما بين القوسين ساقط من « فض » و « د » .
(٥) في النسخ والمصادر : فقل ، والظاهر ما أثبتناه .
عزّ وجلّ يقول : ( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (١) .
فالوجه في هذه الأخبار كلها أن نحملها علىٰ أنّه إذا كان الماء أكثر من كرّ ، فإنّه إذا كان كذلك لم ينجس بما يقع فيه إلّا أن يتغير أحد أوصافه حسب ما قدمناه .
وما تضمنت من الأمر بالوضوء من الجانب الذي ليس فيه الجيفة أو بتفريج الماء ، يكون محمولاً علىٰ الاستحباب والتنزّه ؛ لأنّ النفس تَعاف مماسّة الماء الذي تجاوره الجيفة ، وإن كان حكمه حكم الطهارة .
والذي يدل علىٰ ذلك ما قدمناه من الأخبار ، من أنّ حدّ الماء الذي لا ينجسه شيء ما يكون مقداره مقدار كرّ ، وإذا نقص عنه نجس بما يحصل فيه ، ويزيد ذلك بياناً :
ما رواه الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسىٰ ، عن سعيد الأعرج ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الجرة تَسَعُ مائة رطل يقع فيها أوقية دم (٢) أشرب منه وأتوضّأ ؟ قال : « لا » .
السند :
في جميع الأخبار لا يخلو من ارتياب ، ما عدا حديث صفوان .
أمّا الأوّل : ففيه القاسم بن محمّد ، وهو الجوهري ولم يوثّق مع أنّه واقفي ، ونَقْل ابن داود التوثيق عن الشيخ (٣) لم نعلمه .
__________________
(١) الحج : ٧٨ .
(٢) في الاستبصار ١ : ٢٣ / ٥٦ : من دم .
(٣) رجال ابن داود : ١٥٤ / ١٢١٩ .
وعلي بن أبي حمزة هو البطائني واقفي من غير توثيق ، بل ورد فيه ذمّ أيضاً .
وأمّا الثاني : ففيه عثمان بن عيسىٰ ، وقد تقدم فيه القول (١) ، وسماعة حاله مضىٰ بيانه (٢) .
وأمّا الثالث : ففيه ـ مع القاسم بن محمّد المتقدم ـ زكّار بن فرقد ، وهو غير معلوم الحال .
وما قاله جدّي ـ قدسسره ـ في حواشي الخلاصة : من أنّه زكار الدينوري الثقة ؛ لم نعلم وجهه .
وما في بعض النسخ من زكان بالنون ليكون داود بن أبي زيد الغير الموثق .
فيه : أنّ الموجود في الرجال زنكان (٣) ، واحتمال سقوط النون ، أو أنّ هذا هو الصحيح ؛ لا يفيد شيئاً بعد ما ذكرناه .
وفيه أيضاً عثمان بن زياد ، وهو مشترك بين ثلاثة رجال ، وهم متساوون في الإهمال (٤) .
أمّا أبان فهو ابن عثمان علىٰ الظاهر ، وليس فيه ارتياب عند من لا يعمل بالموثق ؛ لأنّ الجارح علي بن الحسن بن فضال القائل بأنّ أبان ناووسي ، وهو فطحي موثق ؛ أمّا من يعمل بالموثق فلا مجال لنفي كونه ناووسياً عنده ، وإجماع العصابة علىٰ تصحيح ما يصح عن أبان (٥) لا ينافي
__________________
(١) في ص ٧١ .
(٢) في ص ١١٠ .
(٣) رجال الطوسي : ٤١٥ / ٢ .
(٤) رجال الطوسي : ٢٥٩ / ٥٨٩ ، ٥٩٠ و ٢٦٠ / ٦٠١ ، ٦١٠ .
(٥) كما في رجال الكشي ٢ : ٦٧٣ / ٧٠٥ .
الناووسية .
والعجب من عدّ بعض محققي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ حديثه في الصحاح (١) ، مع أنّه عامل بالموثق ، والصحة المذكورة في الإجماع غير المصطلح عليها ، وتشويش الاصطلاح غير مناسب .
وأمّا الرابع : ففيه محمّد بن سنان ، أمّا العلاء بن الفضيل فهو ثقة بغير ريب .
والخامس : لا ارتياب فيه ؛ لأنّ طريق الشيخ إلىٰ أحمد بن محمّد بن عيسىٰ في المشيخة صحيح (٢) .
وما عساه يقال : إنّ الشيخ في المشيخة ذكر طرقاً إلىٰ أحمد بن محمّد ابن عيسىٰ (٣) ، وفيها ما اشتمل علىٰ أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد ، وأحمد بن محمّد بن يحيىٰ العطار ، ومحمّد بن قولويه ، وفيهم عدم التصريح بالتوثيق ، والصحيح فيها بغير ارتياب لا يقتضي صحة جميع ما رواه عن أحمد بن محمّد بن عيسىٰ ؛ لأنّه قال : ومن جملة ما ذكرته عن أحمد بن محمّد ما رويته ، إلىٰ آخره ؛ ولا يخفىٰ أنّ هذا لا يفيد طريق جميع ما رواه عن أحمد بن محمّد ، فمن أين يعلم أنّ هذا الخبر المبحوث عنه من الجملة ؟ .
يمكن الجواب عنه : ( بما كرّرنا القول فيه من جهة المذكورين (٤) ، وبتقدير التوقف فالظاهر أنّ ) (٥) مراد الشيخ بقوله : ومن جملة ما ذكرته ، ليس
__________________
(١) الشيخ البهائي في الحبل المتين : ٢١٦ .
(٢) مشيخة التهذيب ( التهذيب ١٠ ) : ٤٢ ، خلاصة العلّامة : ٢٧٦ .
(٣) مشيخة التهذيب ( التهذيب ١٠ ) : ٤٢ ، ٧٢ ـ ٧٥ .
(٤) راجع ص ٣٩ ، ٤٠ ، ٩٣ ، ١١٤ .
(٥) بدل ما بين القوسين في « فض » و « د » : بأنّ .
أنّ الطريق لبعض ما ذكره عن أحمد بن محمّد ، بل مراده من جملة ما ذكرته في الكتاب عن أحمد بن محمّد ، فيفيد عموم الطريق لجميع رواياته عن أحمد بن محمّد .
والحاصل : أنّ من التبعيضية بالنسبة إلىٰ كتاب الشيخ لا إلىٰ روايات أحمد .
فإن قلت : مع قيام الاحتمال يحتاج الترجيح إلىٰ مرجّح .
قلت : (١) الظاهر ما ذكرناه .
وأمّا بقيّة رجال السند فحالهم أظهر من أنّ نبين .
وأمّا السادس : ففيه أبو بصير وسماعة بن مهران ، وقد تقدم القول فيهما (٢) . أمّا الحسين بن عثمان فهو مشترك بين موثّقَين ، بل وثلاثة (٣) .
والطريق إلىٰ الحسين بن سعيد قد مرّ غير بعيد (٤) .
أمّا الحديث الذي ذكره الشيخ مبيّناً ففيه عثمان بن عيسىٰ ، وسعيد الأعرج قد بينا فيما تقدم أنّه لا ريب فيه علىٰ الظاهر (٥) .
المتن :
لا ريب أنّ ظاهره في الأخبار الإطلاق ، والمقيد يحكم عليه .
وما عساه يقال : إنّ هذا يصير من قبيل تأخير البيان عن وقت الحاجة وذلك غير جائز .
__________________
(١) في « فض » و « د » : زيادة فإنّ .
(٢) في ص ٧٣ ، ١١٠ .
(٣) هداية المحدثين : ١٩٥ .
(٤) راجع ص ٧٢ .
(٥) راجع ص ٧١ ، ١٥٥ ـ ١٥٦ .
جوابه : أنّ تأخير البيان بالنسبة إليهم غير معلوم ، نعم لمّا بَعُد العهد وتفرّقت الأخبار صار ما صار ، ولولا هذا ما صحّ حمل مطلق علىٰ مقيّد وعام علىٰ خاص .
ومن هنا يعلم أنّ ما يقوله شيخنا ـ قدسسره ـ كثيراً في فوائده علىٰ الكتاب حين جمع الشيخ بين الأخبار بهذا النحو وإن بعد عن المذكور هنا في الجملة : إنّه من الألغاز ، وتأخير البيان عن وقت الحاجة . محل بحث .
ولا يخفىٰ أنّ بعض الأخبار المذكورة قد يأبىٰ حمل الشيخ ، إلّا أنّ الضرورة تلجئ إلىٰ التزام ما قاله إذا عمل بالأخبار .
أمّا التعبير في قول الشيخ بأنّ الماء أكثر من كرٍ . فغير ظاهر الوجه ، إلّا بما قدمناه من أنّ مقدار الكرّ بغير زيادة يبعد عدم تغير جزء منه ، فيلزم نجاسة جميعه .
وما تضمنه الحديث المعتبر من بين الأحاديث في تحديد الماء بنصف الساق ، قد يشكل بمنافاة ما سبق ، إلّا أنّ التحديد بالعمق لا ينافي زيادة الطول أو العرض . واكتفاؤه عليهالسلام بقول السائل عن العمق دون غيره لا يخلو من غموض بالنسبة إلينا ، ولعل حمل المطلق علىٰ المقيد لا يخرج عنه هذا ، إلّا أنّ الأخبار في الكرّ مضطربة في المقدار ، وربما يرجح هذا الحديث ما دلّ علىٰ الأقل ، لولا الإجمال فيه ، والله تعالىٰ أعلم بالحال .
وينبغي أن يعلم أنّ العلّامة في المختلف نقل عن ابن أبي عقيل عدم نجاسة القليل بالملاقاة ، وأنّه احتجّ بأخبار وادّعىٰ تواتر ما ورد عن الصادق عن آبائه عليهمالسلام : « أنّ الماء الطاهر لا ينجّسه إلّا ما غيّر لونه أو طعمه أو
رائحته » (١) (٢) .
وأجاب العلّامة عن الأخبار بما قدمناه (٣) ، ولم يجب عن التواتر الذي ادعاه ابن أبي عقيل ، ولا يبعد أن يكون مراده بالتواتر : المعنوي ، فإنّ مثل هذه الأخبار الكثيرة قد تفيده ، وإن كان الحق خلاف ذلك ، والعلّامة ـ رحمهالله ـ لم يذكر من الأخبار إلّا خبرين (٤) ، وقد تقدما (٥) ، وأظنّ الاحتجاج بالخبرين من العلّامة له كما هو دأبه في كثير من الاحتجاجات .
أمّا ما قد يقال : من أنّ دعوىٰ التواتر من ابن أبي عقيل كنقل الإجماع بخبر الواحد ، فإذا قبل ذاك ينبغي قبول هذا .
فيمكن الجواب عنه ، أوّلاً : بأنّ نقل التواتر كنقل الإجماع في أنّه يفيد الظنّ ، وحينئذٍ هو كالخبر ، ولا يفيد المطلوب .
وثانياً : بأنّ التواتر الذي ادعاه من الأخبار علىٰ حسب ما اعتقده ، فلا يكون حجة علىٰ غيره . وفي هذا تأمّل غير خفي الوجه .
( والحق ظهور الفرق بين الإجماع المنقول والتواتر كذلك ؛ إذ التواتر يرجع إلىٰ المحسوس ، وتحقيقه في المقام منتف ، والعجب من العلّامة في المختلف أنّه في بحث الأذان حكىٰ عن ابن أبي عقيل دعوىٰ التواتر ، وقال : إنّه مقبول منه (٦) . وفيما نحن فيه لم يعتبر نقله ) (٧) .
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٠٢ أبواب الماء المطلق ب ٣ .
(٢) المختلف ١ : ١٣ ـ ١٤ .
(٣) المختلف ١ : ١٥ .
(٤) المختلف ١ : ١٤ .
(٥) راجع ص ١٨١ .
(٦) المختلف ٢ : ١٤٧ .
(٧) ما بين القوسين ساقط من « فض » و « د » .
قوله :
وأمّا ما رواه محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن أحمد العلوي ، عن العمركي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسىٰ عليهمالسلام ، قال : سألته عن رجل رعف فامتخط فصار ذلك الدم قِطَعاً صغاراً فأصاب إناءه هل يصلح الوضوء منه ؟ قال : « إن لم يكن شيء يستبين في الماء فلا بأس ، وإن كان شيئاً بيّنا فلا يتوضّأ منه » فالوجه في هذا الخبر أن نحمله علىٰ أنّه إذا كان ذلك الدم مثل رؤوس الإبر (١) التي لا تحس ولا تدرك ، فإنّ مثل ذلك معفوّ عنه .
السند :
فيه محمّد بن أحمد العلوي ، وهو مذكور في رجال الشيخ مهملاً (٢) ، وفي التهذيب رواه في الزيادات للطهارة عن علي بن أحمد العلوي (٣) . وهو العقيقي ، وحاله أنّه غير موثق بل مذموم ، والشيخ ذكر الرجلين في من لم يرو عن أحد من الأئمّة عليهمالسلام (٤) ، والترجيح لأحد الرجلين لا فائدة فيه .
نعم رواه محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيىٰ ، عن العمركي بن علي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه ، إلىٰ آخره (٥) .
__________________
(١) في الاستبصار ١ : ٢٣ / ٥٧ : رأس الإبرة .
(٢) رجال الطوسي : ٥٠٦ / ٨٣ .
(٣) التهذيب ١ : ٤١٢ / ١٢٩٩ وفيه : محمّد بن أحمد العلوي ، ولكن في الهامش : نسخة في الجميع علي بن أحمد ، الوسائل ١ : ١٥٠ أبواب الماء المطلق ب ٨ ح ١ .
(٤) رجال الطوسي : ٤٨٦ / ٦٠ و ٥٠٦ / ٨٣ .
(٥) الكافي ٣ : ٧٤ / ١٦ .
المتن :
ربما كان له ظهور في الدلالة علىٰ إصابة الإناء ، فالجواب لا يقتضي العفو عن الدم ، كما قاله الشيخ ـ رحمهالله ـ ، إلّا أنّ مثل علي بن جعفر يستبعد منه السؤال عن إصابة الإناء من دون الماء ، ويدفعه اتساع باب الإمكان لقيام الاحتمال .
والمحقق في المعتبر قال نحو ما قلناه (١) .
واعترضه الوالد : ـ قدسسره ـ بأنّ العدول في مثله عن الظاهر إنّما يحسن مع وجود المعارض ، ولا معارض هنا ، لعدم العموم في أدلة نجاسة القليل .
وما ذكره بعض الأصحاب (٢) ؛ من معارضته برواية علي بن جعفر الصحيحة أيضاً عن أخيه عليهالسلام قال : وسألته عن رجل رعف وهو يتوضّأ فيقطر قطرة في إنائه هل يصلح الوضوء منه ؟ قال : « لا » (٣) ؛ لا ريب أنّه لا يصلح للمعارضة كما لا يخفىٰ ؛ فإنّ نقط الدم لا تنافي غير البيّن منه (٤) .
نعم قد يقال علىٰ الوالد ـ قدسسره ـ : إنّ نفي الظهور في موضع المنع ، ( هذا .
ومن الغريب في المقام أنّ الكليني ـ رحمهالله ـ روىٰ الخبر الثاني من جملة الأوّل ، وعليه ، فالحمل علىٰ إصابة الإناء في الأوّل لا وجه له ، بعد مشاركة السؤال الثاني في ذكر الإناء ، فالغفلة من الأعلام عن مراجعة الكافي
__________________
(١) المعتبر ١ : ٥٠ .
(٢) المختلف ١ : ١٩ .
(٣) الكافي ٣ : ٧٤ / ١٦ ، مسائل علي بن جعفر : ١١٩ / ٦٣ ، الوسائل ١ : ١١٢ أبواب الماء المطلق ب ٨ ح ١ .
(٤) معالم الدين : ٦ .
ثم ذكر الجواب والمعارضة ، أي الموجبة لما ذكرناه ) (١) .
أمّا ما قاله الشيخ ؛ من التعبير بأنّه لا يدرك ولا يحّس ؛ فلا يخلو من خفاء ، وظاهر كلامه أنّ الدم معفوّ عنه ، والمراد غير واضح أيضاً ، وهو أعلم بمراده .
( بقي شيء ، وهو أنّ قوله عليهالسلام : « إن لم يكن شيء يستبين في الماء » إلىٰ آخره ، المتبادر منه وجود شيء ولا يستبين ، لأنّ « يكن » هي الناقصة ، وقوله : « في الماء » خبرها ، وجملة « يستبين » صفة « لشيء » ومن المقرّر أنّ النفي إذا دخل علىٰ كلام فيه تقييد توجّه إلىٰ المقيّد ، واشترط بعضهم كون المقيّد صالحاً للتقييد قبل دخول حرف النفي ، كما في قولك : ما أكرمته تعظيماً ، أمّا نحو : ما أكرمته إهانة ، فيتوجه إلىٰ نفس الفعل لأجل القيد لا المقيّد ؛ لعدم صحّة التقييد قبل النفي ، وما نحن فيه من الأوّل ، فيكون النفي متوجهاً إلىٰ التقييد أعني : « يستبين » .
وبهذا يندفع ما ذكره المحقق الشيخ علي ـ رحمهالله ـ : من أنّ قوله : « إن لم يكن شيء يستبين » لا يقتضي وجود شيء ؛ لأنّ السالبة لا تقتضي وجود الموضوع .
ووجه الاندفاع ظاهر ؛ فإنّ [ السياق ] (٢) إذا لم يقتض وجوده لا يقتضي الامتناع ، والقرينة علىٰ الوجود ، وما ذكرنا علىٰ الشمول كاف كما لا يخفىٰ .
وما قاله : من أنّه يستفاد من الحديث الرد علىٰ الشيخ ؛ لأنّ نفي البأس مشروط بأن لا يكون شيء يستبين ، فيثبت البأس إذا كان شيئاً
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من « فض » و « د » .
(٢) ما بين المعقوفين في « رض » : الشياع ، والظاهر ما أثبتناه .
يستبين أو كان شيئاً ولا يستبين ؛ لأنّ المشروط بشيئين منفي بانتفائهما ، وانتفاء المجموع يكفي فيه انتفاء واحد ، وإذا ثبت البأس مع وجود شيء لا يستبين ، ثبت حكم النجاسة في الحديث علىٰ خلاف ما يدعيه الشيخ .
ففيه نظر واضح ؛ لأنّ الشرط ليس وجود شيئين حتىٰ ينتفي المشروط بانتفاء واحد منهما ، بل الشرط عدم شيئين فلا ينتفي المشروط إلّا بوجودهما ، فليتأمّل ) (١) .
قوله :
باب حكم الفأرة والوزغة والحية والعقرب إذا وقع في الماء وخرج منه حيّاً
أخبرني الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمّد بن يحيىٰ ، عن أبيه ، عن محمّد بن أحمد بن يحيىٰ ، عن العمركي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسىٰ عليهالسلام ، قال : سألته عن العظاية (٢) والحيّة والوزغ (٣) يقع في الماء فلا يموت ، أيتوضّأ منه للصلاة ؟ قال : « لا بأس به » .
محمّد بن أحمد بن يحيىٰ ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ، والحسن بن موسىٰ الخشاب ، جميعاً عن يزيد بن إسحاق ، عن هارون بن حمزة الغنوي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سألته عن الفأرة
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من « فض » و « د » .
(٢) العظاية : دويبَّة أكبر من الوزغة ويقال في الواحدة عظاءةٌ ـ وعظاية . الصحاح ٦ : ٢٤٣١ ( عظا ) .
(٣) الوزغ : حيوان صغير أصغر من العظاية ـ مجمع البحرين ٥ : ١٨ .
والعقرب وأشباه ذلك يقع في الماء فيخرج حيّاً هل يشرب من ذلك الماء ويتوضّأ (١) ؟ قال : « يسكب منه ثلاث مرات ، وقليله وكثيره بمنزلة واحدة ، ثم يشرب منه ويتوضّأ منه غير الوزغ ، فإنّه لا ينتفع بما يقع فيه » .
قال أبو جعفر محمّد بن الحسن : ما تضمن هذا الخبر من حكم الوزغة والأمر بإراقة ما يقع فيه محمول علىٰ ضرب من الكراهية ، بدلالة الخبر المتقدم ، ولا يجوز التنافي بين الأخبار .
السند :
وأمّا الأوّل : فقد تقدم القول في رجاله (٢) ، وهو معدود من الصحيح .
وأمّا الثاني : فالطريق إلىٰ محمّد بن أحمد قد تقدم (٣) .
والحسن بن موسىٰ الخشاب غير موثق ، إلّا أنّ النجاشي قال : إنّه من وجوه أصحابنا مشهور كثير العلم (٤) . و ( سيأتي في باب الماء يقع فيه شيء من النجس ، حكاية عن النجاشي في أحمد بن الحسن الميثمي ما قد يقتضي توثيق الخشاب (٥) ، إلّا أنّ فيه احتمالاً يأتي ، وعلىٰ كل تقدير في المقام ) (٦) لا يضر بالحال لولا غيره وهو يزيد بن إسحاق ؛ فإنّ حاله لا يزيد عن الإهمال كما يستفاد من بعض كتب الرجال (٧) ، وفي شرح البداية وثّقه
__________________
(١) في الاستبصار ١ : ٢٤ / ٥٩ زيادة : منه .
(٢) راجع ص ٤١ ، ٦٤ ، ٨٢ ، ١٧٦ .
(٣) في ص ١٠١ .
(٤) رجال النجاشي : ٤٢ / ٨٥ .
(٥) في ص ٢٣١ ، وهو في رجال النجاشي : ٧٤ / ١٧٩ .
(٦) ما بين القوسين ساقط من « فض » و « د » .
(٧)
رجال الطوسي : ٣٣٧ / ٦٤ ، الفهرست : ١٨٢ ، رجال النجاشي : ٤٥٣ / ١٢٥ ، إلّا
=
جدّي ـ قدسسره ـ (١) ، ولا أدري وجهه ، إلّا أن يكون من تصحيح العلّامة طريق الصدوق إلىٰ هارون بن حمزة الغنوي (٢) ، وفي ثبوت التوثيق به نظر واضح تقدم وجهه (٣) .
أمّا هارون بن حمزة الغنوي فهو ثقة كما في النجاشي (٤) .
المتن :
في الحديث الأوّل صريح في نفي البأس عن الوضوء بالماء الذي يقع فيه المذكورات .
وما تضمنه الخبر الثاني ـ لو صح طريقه ـ أمكن أن يوجّه المنع من الانتفاع بما يقع فيه الوزغ بغير الوضوء كالشرب ونحوه ؛ لأنّ النهي عن الانتفاع عام والوضوء خاص .
وما قاله الشيخ في حكم الوزغة : من أنّ الأمر بإراقة ما يقع فيه محمول علىٰ الكراهة ؛ إن أراد به أنّ الحديث يقتضي إراقة ما يقع فيه الوزغ ، فلا دلالة في الخبر عليه ، بل الإراقة المذكورة فيه للفأرة والعقرب وأشباه ذلك ، وتناول الأشباه للوزغة يشكل بالتنصيص علىٰ الوزغة ، فلا وجه لإدخالها ، علىٰ أنّ الإراقة لم ترد في النص كما هو ظاهر .
__________________
= أنّ العلّامة في الخلاصة : ١٨٣ / ٣ ذكره في القسم الأول ( من يعتمد علىٰ روايته ) ، وكذا ابن داود في رجاله : ٢٠٥ / ١٧٢٣ ، ونسب مدحه إلىٰ الكشّي ، وهو في رجال الكشّي ٢ : ٨٦٤ / ١١٢٦ .
(١) الدراية : ١٣١ .
(٢) خلاصة العلّامة : ٢٧٩ .
(٣) راجع ص ٤٠ .
(٤) رجال النجاشي : ٤٣٩ / ١١٨٤ .
وإن أراد أنّ حكم الوزغة ـ من عدم الانتفاع بالماء ـ محمول علىٰ الكراهة كما أنّ الإراقة كذلك ، أمكن ، إلّا أنّ الذي يقتضيه ظاهر النص استحباب الإراقة ، ولزوم الكراهة لاستحباب الإراقة نظراً إلىٰ أن ترك المستحب مكروه ، فيه منع ؛ لتوقف الكراهة علىٰ النهي .
واحتمال أن يقال : إنّ الأمر بالشيء لمّا استلزم النهي عن الضد وهو الترك في الواجب علىٰ وجه التحريم فكذا في المندوب يكون النهي علىٰ وجه الكراهة .
قد خطر في البال قديماً ، إلّا أنّ الوالد ـ قدسسره ـ بعد عرضه عليه قال : إنّ كلام الاُصوليين لا يتناول هذا ؛ وفيه نوع تأمل ، إلّا أنّ التحقق في المقام محل كلام ، كما يعلم من أعطىٰ الحديث حق النظر .
فإن قلت : قوله في الحديث « غير الوزغ » ظاهره أنّه داخل في الأشباه فمن ثَمّ استثناه عليهالسلام ، وإذا دخل في الأشباه تحقق مقتضي الإراقة المذكورة في الخبر فيه ، ويتم مطلوب الشيخ في الجملة .
قلت : لو سلم ما ذكرت لدلّ الحديث علىٰ خلاف المطلوب ، من حيث إنّ السكب من الماء ثلاث مرّات لا يقتضي خلوص الماء ، والنهي عن الانتفاع بالماء مع السكب حينئذٍ لا فائدة فيه ، وإذا لم ينتفع بالماء كانت إراقته جميعاً أولىٰ ، فليتأمّل .
( اللّغة :
قال في القاموس : العظاية دويبة كسام أبرص (١) ) (٢) .
__________________
(١) القاموس المحيط ٤ : ٣٦٦ .
(٢) ما بين القوسين ساقط من « فض » .
قوله :
فأما ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيىٰ ، عن محمّد بن عيسىٰ اليقطيني ، عن النضر بن سويد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : أتاه رجل فقال : وقعت فأرة في خابية (١) فيها سمن أو زيت فما ترىٰ في أكله ؟ فقال له أبو جعفر عليهالسلام : « لا تأكله » فقال له الرجل : الفأرة أهون عليّ من أن أترك طعامي من أجلها ، قال : فقال أبو جعفر عليهالسلام : « إنك لم تستخفّ بالفأرة إنما استخففت بدينك ، إن الله حرم الميتة من كل شيء » .
[ فلا ] (٢) ينافي الخبر الأوّل ؛ لأنّ الوجه في هذا الخبر أنّه إذا ماتت الفأرة فيه لا يجوز الانتفاع به ، فأما إن خرجت حية كان الحكم ما تضمنه الخبر الأوّل ، يدل علىٰ ذلك ما رواه علي بن جعفر ، عن أخيه موسىٰ بن جعفر عليهالسلام ، قال : سألته عن فأرة وقعت في حُبّ دهن فاُخرجت قبل أن تموت أنبيعه من مسلم ؟ قال : « نعم وتدهن به (٣) » .
السند :
في الأول قد تقدم الطريق إلىٰ محمّد بن أحمد بن يحيىٰ (٤) ومحمّد ابن عيسىٰ تقدم أيضاً فيه كلام (٥) ، والنضر بن سويد ثقة صحيح الحديث كما في
__________________
(١) الخابية : الحبّ أصلها الهمزة ـ لسان العرب ١ : ٦٢ ( خبأ ) .
(٢) في النسخ : لا ، وما أثبتناه من الاستبصار ١ : ٢٤ / ٦٠ .
(٣) في الاستبصار ١ : ٢٤ / ٦١ : منه .
(٤) في ص ١٠١ .
(٥) راجع ص ٧٦ ـ٨٠ .
النجاشي ، ومن الرواة عنه محمّد بن عيسىٰ كما في النجاشي (١) أيضاً .
أمّا عمرو بن شمر ، فقال النجاشي إنّه ضعيف جداً ، زيد أحاديث في كتب جابر الجعفي ينسب بعضها إليه (٢) .
وجابر ، هو ابن يزيد الجعفي ، بقرينة رواية عمرو بن شمر ، وغيرها أيضاً ، وفيه كلام في الرجال يضيق عن شرحه المجال ، إلّا أنّ ضعف الحديث بعمرو بن شمر يغني عن تحقيق الحال .
فإن قلت : إذا قال النجاشي : إنّ النضر بن سويد صحيح الحديث ، وإذا صح إليه الطريق بناءً علىٰ سلامة محمّد بن عيسىٰ عُلِمَ صحة الحديث ، للعلم الشرعي بأنّه من حديثه ، وذلك كاف في الصحة .
قلت : الذي نفيناه ، الصحة الاصطلاحية ، وما ذكرته لا يخلو من وجه ، غير أنّ الرواية يحتمل أن تكون ليست من أحاديثه بل من مروياته ، وكونه صحيح الحديث ، محتمل لأن يراد به أحاديثه الخاصة كالأصل .
وفي هذا نظر ؛ لأنّ الظاهر خلاف ذلك ، نعم يحتمل أن يراد بصحيح الحديث نحو ما ذكرناه في الإجماع علىٰ تصحيح ما يصح عن الرجل ، كما سبق بيانه (٣) ، وإن كان فيه أيضاً نوع تأمّل . وبالجملة فاحتمال تصحيح الحديث من الوجه المذكور غير بعيد .
وأمّا الثاني : فلا ريب في صحته عند مشايخنا ، بناءً علىٰ صحة الطريق في المشيخة إلىٰ علي بن جعفر ، من حيث اشتماله علىٰ أحمد بن
__________________
(١) رجال النجاشي : ٤٢٧ / ١١٤٧ وفيه : محمّد بن عيسىٰ بن عبيد ، عن أبيه ، عن نصر ـ بالصاد المهملة ـ بن سويد بكتابه . وفي الفهرست : ١٧١ / ٧٥٠ رواية محمّد بن عيسىٰ عنه بلا واسطة أبيه . ولمزيد الاطّلاع ، راجع معجم رجال الحديث ١٩ : ١٥٢ .
(٢) رجال النجاشي : ٢٨٧ / ٧٦٥ .
(٣) راجع ص ٦٠ .
محمّد بن يحيىٰ (١) وقد تقدم فيه القول (٢) .
المتن :
لا يخفىٰ أنّه صريح في الفأرة الميتة ، حيث قال عليهالسلام : « إنّ الله حرّم الميتة من كل شيء » ولا أدري الوجه فيما قاله الشيخ .
نعم : ظاهر قوله عليهالسلام : « إنّ الله حرّم الميتة » لا يعطي التنجيس ، بل تحريم الأكل ، إلّا أنّ التسديد هيّن .
وأمّا الخبر الذي استدل به الشيخ فهو صحيح علىٰ المعروف من المتأخّرين ؛ لأنّ الطريق إلىٰ علي بن جعفر : الحسين بن عبد الله ، عن أحمد ابن محمّد بن يحيىٰ ، عن أبيه محمّد بن يحيىٰ ، عن العمركي ، عن علي بن جعفر . غير أنّ معارضة موجود ، وهو ما رواه علي بن جعفر في الصحيح أيضاً عن أخيه موسىٰ عليهالسلام قال : سألته عن الفأرة الرطبة ، قد وقعت في الماء تمشي علىٰ الثياب أيصلى فيها ؟ قال : « اغسل ما رأيت من أثرها وما لم تره فانضحه بالماء » (٣) .
والخبر المروي هنا ، يمكن حمله علىٰ جواز البيع ، والإدهان بالنجس ، كما ذكره بعض محققي المعاصرين (٤) ـ سلّمه الله ـ ؛ إلّا أنّ في نظري القاصر عدم استقامة الحمل ، لما رواه الشيخ في باب الأطعمة من التهذيب في الصحيح عن سعيد الأعرج ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن
__________________
(١) صحّحه العلّامة في الخلاصة : ٢٧٦ ، وهو في مشيخة التهذيب ١٠ : ٨٦ .
(٢) في ص ١٠١ .
(٣) التهذيب ١ : ٢٦١ / ٧٦١ ، الوسائل ٣ : ٤٦٠ أبواب النجاسات ب ٣٣ ح ٢ .
(٤) الشيخ البهائي في الحبل المتين : ١٠٤ .
الفأرة تقع في السمن والزيت ثم تخرج منه حيّاً ، فقال : « لا بأس بأكله » (١) وقد أوضحت الحال في حاشية الفقيه .
قوله :
ولا ينافي ذلك ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيىٰ (٢) ، عن إبراهيم ابن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، أن علياً عليهالسلام سئل عن قِدر طبخت ، وإذا في القِدر فأرة ، قال : « يهراق مرقها ويغسل اللحم ويؤكل » .
لأنّ المعنىٰ في هذا الخبر : إذا ماتت فيه يجب إهراق القدر .
فأما ما رواه محمّد بن أحمد بن يحيىٰ ، عن محمّد بن الحسين ، عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير ، قال : سألته عن حية دخلت حبّاً فيه ماء وخرجت منه ، فقال : « إن وجد ماء غيره فليهرقه » .
فالوجه فيه : أن نحمله علىٰ ضرب من الكراهية مع وجود الماء المتيقن [ طهارته ] (٣) ولأجل هذا أمره بإراقته إن وجد ماء غيره ، ولو كان نجساً لوجب إراقته علىٰ كل حال .
السند :
أمّا الأوّل : فالطريق إلىٰ محمّد بن أحمد بن يحيىٰ تكرّر القول فيه (٤)
__________________
(١) التهذيب ٩ : ٨٦ / ٣٦٢ ، الوسائل ٢٤ : ١٩٧ أبواب الاطعمة والاشربة ب ٤٥ ح ١ .
(٢) في « د » : احمد بن محمّد بن يحيىٰ .
(٣) أثبتناه من المصدر .
(٤) راجع ص ٥٠ ، ٨٢ ، ١٠١ .
وإبراهيم بن هاشم تقدم فيه كلام (١) .
وأمّا النوفلي : فهو الحسين بن يزيد ، وضعفه أشهر من أن يذكر .
والسكوني : لم نر توثيقه ، وهو عامي ، غير أنّه نُقل عن المحقق في الرسالة العزّية : بأنه ثقة ، وأنّ الأصحاب أجمعوا علىٰ العمل بروايته (٢) . وهذا إنّما يفيد بتقدير الخلوّ من النوفلي ، وإن كان في البين كلام أيضاً ، وأظنه لا يخفىٰ علىٰ الممارس .
وأمّا الثاني : فمحمّد بن الحسين فيه هو ابن أبي الخطاب ( علىٰ الظن الغالب ، وإن كان باب الاحتمال واسعاً .
وأمّا وهيب بن حفص : فهو ثقة واقفي كما ذكره النجاشي ، وقال : إنّ الراوي عنه محمّد بن الحسين (٣) ، والمرتبة لابن أبي الخطاب ) (٤) والفائدة قليلة بعد ذكر أبي بصير .
المتن :
في الأول : ظاهر في أنّ الفأرة ميتة ، وبتقدير احتمال الإجمال
__________________
(١) في ص ٥٣ ، ١٥٥ .
(٢) نقله عنه في الرواشح السماويّة : ٥٧ ووثّقه في المعتبر ١ : ٣٨٠ والشيخ في العدة ١ : ١٤٩ بعد توثيقه قال : إن الإماميّة مجمعة علىٰ العمل بما يرويه السكوني ، ووثّقه المحقق الداماد في الرواشح السماوية : ٥٦ ـ ٥٨ .
فضعفه من المشهورات التي لا أصل لها . وكونه عاميّاً غير ثابت . لمزيد الاطلاع ، راجع رجال بحر العلوم ٢ : ١٢١ ـ ١٢٥ ، مفتاح الكرامة ٨ : ٢٥٦ ، تنقيح المقال ١ : ١٢٧ ـ ١٢٩ ، الكنىٰ والألقاب ٢ : ٢٨٥ ، ٢٨٦ .
(٣) رجال النجاشي : ٤٣١ / ١١٥٩ وفيه : أنّ الراوي عنه الحسن بن سماعة ، إلّا أنّ في الفهرست : ١٧٣ / ٧٥٨ رواية محمّد بن الحسين عنه .
(٤) ما بين القوسين ساقط من « د » .
فالحمل علىٰ الاستحباب ـ لوجود المعارض ـ ممكن ، ما حمل غيره من الأخبار الصريحة في حياة الفأرة علىٰ الاستحباب .
وفي الثاني : لا بُدّ من حمله علىٰ الكراهة كما قال الشيخ ؛ لدلالة الخبر الأوّل المعدود من الصحيح علىٰ نفي البأس عن الوضوء من الماء الذي يقع فيه الحيّة (١) .
وقول الشيخ ؛ علىٰ ضرب من الكراهية ؛ محتمل لأن يراد به أنّ ما تقدّم من الخبر الدالّ علىٰ العقرب وشبهها ( أنّ الماء ) (٢) يسكب منه ثلاث مرات ؛ يتناول الحيّة ، وحينئذ يحمل الإهراق علىٰ نوع تأكّد استحباب الإهراق ، ويلزمه تأكّد الكراهة في الاستعمال من دون الإهراق بالتقريب الذي تقدم ، إلّا أنّ الظاهر عدم التناول للحيّة ، وباب الاحتمال غير مسدود .
أمّا قول الشيخ ؛ ولو كان نجساً لوجب إراقته ؛ فقد يقال عليه : إنّ وجوب الإراقة لا ينحصر في النجس ، بل الظاهر من النص خروجها بنفسها ، فلا تكون ميتة في الماء ، والنجاسة حينئذٍ لا وجه لاحتمالها إلّا بتكلّف نجاسة الحية ، ولم أعلم الآن القائل بها ، وغير بعيد أن يكون الإراقة لاحتمال وجود السم .
قوله :
باب سؤر ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل من سائر الحيوان
أخبرني الحسين بن عبيد الله ، عن عدّة من أصحابنا ، عن محمّد ابن يعقوب ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد بن يحيىٰ ،
__________________
(١) راجع ص ١٩٢ .
(٢) بدل ما بين القوسين في « رض » ؛ إذا وقع في الماء .