أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]
المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٦
٢٠٠ ـ جبرئيل بن أحمد ، حدثني العنبري ، قال : حدثني محمد بن عمرو ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : كتب المختار بن أبي عبيد الى علي بن الحسين عليهماالسلام وبعث اليه بهدايا من العراق ، فلما وقفوا على باب علي بن الحسين دخل الاذن يستأذن لهم ، فخرج اليهم رسوله فقال أميطوا عن بابي فاني لا اقبل هدايا الكذابين ولا أقرأ كتبهم.
فمحوا العنوان وكتبوا المهدي محمد بن علي ، فقال ابو جعفر : والله لقد كتب اليه بكتاب ما اعطاه فيه شيئا انما كتب اليه يا بن خير من طشى ومشى ، فقال ابو بصير ، فقلت لأبي جعفر عليهالسلام اما المشى فانا أعرفه ، فأي شيء الطشى؟ فقال ابو جعفر عليهالسلام الحياة.
٢٠١ ـ جبرئيل بن أحمد ، قال : حدثني العنبري ، قال حدثني علي بن اسباط عن عبد الرحمن بن حماد ، عن علي بن حزور ؛ عن الاصبغ ، قال رأيت المختار على فخذ أمير المؤمنين عليهالسلام وهو يمسح رأسه ويقول : يا كيّس يا كيّس.
٢٠٢ ـ ابراهيم بن محمد الختلي ، قال : حدثني أحمد بن ادريس القمي ، قال : حدثني محمد بن أحمد ، قال ، حدثني الحسن بن علي الكوفي ، عن العباس ابن عامر ، عن سيف بن عميرة ، عن جارود بن المنذر ، عن ابي عبد الله عليهالسلام قال : ما امتشطت فينا هاشمية ولا اختضبت حتى بعث إلينا المختار برءوس الذين قتلوا الحسين عليهالسلام.
٢٠٣ ـ حدثني محمد بن مسعود ، قال : حدثني ابو الحسن علي بن ابي علي الخزاعي ، قال حدثني خالد بن يزيد العمري المكي ، قال الحسن بن زيد بن علي ابن الحسين ، قال : حدثني عمر بن علي بن الحسين ، ان علي بن الحسين عليهالسلام لما اتي برأس عبيد الله بن زياد ورأس عمر بن سعد ، قال : فخرّ ساجدا وقال الحمد لله الذي أدرك لي ثاري من أعدائي ، وجزى الله المختار خيرا.
٢٠٤ ـ محمد بن مسعود ، قال حدثني ابن أبي علي الخزاعي ، قال خالد بن
يزيد العمري ، عن الحسين بن زيد ، عن عمر بن علي ، أن المختار أرسل الى علي ابن الحسين عليهالسلام بعشرين الف دينار ، فقبلها وبنا بها دار عقيل بن أبي طالب ودارهم التي هدمت ، قال : ثم أنه بعث اليه باربعين الف دينار بعد ما ظهر الكلام الذي أظهره ، فردها ولم يقبلها.
والمختار هو الذي دعا الناس الى محمد بن علي بن أبي طالب ابن الحنفية وسموا الكيسانية وهم المختارية وكان لقبه كيسان ، ولقب بكيسان لصاحب شرطه المكنى أبا عمرة وكان اسمه كيسان.
وقيل ، انه سمي كيسان بكيسان مولى على بن ابى طالب عليهالسلام وهو الذي حمله على الطلب بدم الحسين عليهالسلام ودله على قتلته وكان صاحب سره والغالب على امره.
وكان لا يبلغه عن رجل من اعداء الحسين عليهالسلام انه في دار او في موضع الا قصده ، فهدم الدار بأسرها وقتل كل من فيها من ذي روح ، وكل دار بالكوفه خراب فهي مما هدمها ، واهل الكوفة يضربون بها المثل ، فاذا افتقر انسان قالوا دخل ابو عمرة بيته ، حتى قال فيه الشاعر :
ابليس بما فيه
خير من أبي عمرة |
|
يغويك ويطغيك ولا
يطغيك كسرة |
شعيب مولى على بن الحسين (ع)
٢٠٥ ـ حدثني أبو الحسن عمر بن علي التفليسى ، قال : حدثني محمد بن سعيد ابن أخي سهل بن زياد الادمي ، عمن ذكره ، عن يونس بن عبد الرحمن عن داود الرقي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : شعيب مولى علي بن الحسين عليهماالسلام وكان ما علمناه جبارا.
عبد الله البرقى
٢٠٦ ـ وجدت في كتاب محمد بن الحسن بن بندار القمي بخطه. حدثني
علي بن ابراهيم بن هاشم ، عن الحسين بن عبد الله البرقي المعرف بالسكري عن أبيه ، قال : سألت علي بن الحسين عليهماالسلام عن النبيذ؟ فقال : قد يشربه قوم ، وحرمه قوم صالحون ، فكان شهادة الذين منعوا بشهادتهم شهواتهم أولى بأن تقبل من الذين جروا بشهادتهم شهواتهم.
عبد الله البرقي هذا عامي ، الا أن هذا حديث حسن قريب الاسناد.
الفرزدق
٢٠٧ ـ حدثني محمد بن مسعود ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثني أبو الفضل محمد بن أحمد بن مجاهد ، قال : حدثنا العلاء بن محمد بن زكريا بالبصرة ، قال : حدثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة ، قال حدثني أبي ، ان هشام بن عبد الملك حج في خلافة عبد الملك والوليد ، فطاف بالبيت فاراد أن يستلم الحجر فلم يقدر عليه من الزحام ، فنصب له منبر فجلس عليه وأطاف به أهل الشام.
فبينا هو كذلك اذ أقبل علي بن الحسين عليهالسلام وعليه ازار ورداء ، من أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز ، فجعل يطوف بالبيت فاذا بلغ الى موضع الحجر تنحى الناس عنه حتى يستلمه هيبة له وأجلالا ، فغاظ ذلك هشاما.
فقال له رجل من اهل الشام لهشام ، من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة وأفرجوا له عن الحجر؟ فقال هشام : لا أعرفه ، لئلا يرغب فيه أهل الشام ، فقال الفرزدق وكان حاضرا : لكني أعرفه ، فقال الشامي من هذا يا أبا فراس؟ فقال :
هذا الذي تعرف
البطحاء وطأته |
|
والبيت تعرفه
والحل والحرم |
هذا ابن خير
عباد الله كلهم |
|
هذا التقي النقي
الطاهر العلم |
هذا علي رسول
الله والده |
|
أمست بنور هداه
تهتدي الامم |
اذا رأته قريش
قال قائلها |
|
الى مكارم هذا
ينتهي الكرم |
ينمي الى ذروة
العز الذي قصرت |
|
عن نيلها عرب
الإسلام والعجم |
يكاد يمسكه عرفان راحته |
|
ركن الحطيم اذا ما جاء يستلم |
يغضي حياء ويغضى
من مهابته |
|
فلا يكلم الا
حين يبتسم |
ينشق نور الهدى
عن نور غرته |
|
كالشمس تنجاب عن
اشراقها الظلم |
بكفه خيزران
ريحها عبق |
|
من كف أروع في
عرنينه شمم |
مشتقة من رسول
الله نبعته |
|
طابت عناصره
والخيم والشيم |
حمال أثقال
أقوام اذا فدحوا |
|
حلو الشمائل
يحلوا عنده النعم |
هذا ابن فاطمة
ان كنت جاهله |
|
بجده أنبياء
الله قد ختموا |
الله فضله قدما
وشرفه |
|
جرى بذاك له في
لوحه القلم |
من جده دان فضل
الانبياء له |
|
وفضل أمته دانت
له الامم |
عم البرية
بالاحسان وانقشعت |
|
عنها العماية
والاملاق والعدم |
كلتا يديه غياث
عم نفعهما |
|
تستو كفان ولا
يعروهما العدم |
سهل الخليقة لا
تخشى بوادره |
|
يزينه خصلتان
الخلق والكرم |
لا يخلف الوعد
ميمون نقيبته |
|
رحب الفناء أريب
حين يعتزم |
من معشر حبهم
دين وبغضهم |
|
كفر وقربهم منجى
ومعتصم |
يستدفع السوء
والبلوى بحبهم |
|
ويستربّ به
الاحسان والنعم |
مقدم بعد ذكر
الله ذكرهم |
|
في كل يوم
ومختوم به الكلم |
ان عد أهل التقى
كانوا ائمتهم |
|
أو قيل من خير
أهل الارض قيل هم |
لا يستطيع جواد
بعد غايتهم |
|
ولا يدانيهم قوم
وأن كرموا |
هم الغيوث اذا
ما أزمة أزمت |
|
والاسد أسد
الشرى والناس محتدم |
يأبى لهم أن يحل
الذم ساحتهم |
|
خيم كريم وأيد
بالندى هضم |
لا ينقص العسر
بسطا من أكفهم |
|
سيان ذلك ان
اثروا وان عدموا |
أي الخلائق ليست
في رقابهم |
|
لأوّليّة هذا
أوله نعم |
من يعرف الله
يعرف أولية ذا |
|
فالدين من بيت
هذا ناله الامم |
قال : فغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق ، فحبس بعسفان بين مكة والمدينة فبلغ ذلك علي بن الحسين عليهالسلام ، فبعث اليه باثنى عشر ألف درهم ، وقال : أعذرنا يا أبا فراس ، فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به ، فردها عليه وقال : يا بن رسول الله ما قلت الذي قلت الا غضبا لله ولرسوله ، وما كنت لأرزي عليه شيئا ، فردها عليه وقال : بحقي عليك لما قبلتها ، فقد رأى الله مكانك وعلم نيتك ، فقبلها فجعل الفرزدق يهجو هشاما وهو في الحبس فكان مما هجا به قوله :
أيحبسني بين
المدينة والتي |
|
اليها قلوب
الناس يهوي منيبها |
يقلب رأسا لم
يكن رأس سيد |
|
وعينا له حولاء
باد عيوبها |
فبعث اليه فاخرجه.
زرارة بن أعين
٢٠٨ ـ محمد بن مسعود ، قال : حدثني علي بن الحسن بن فضال ، قال : حدثني أخواي محمد وأحمد ابنا الحسن ، عن أبيهما الحسن بن علي بن فضال عن ابن بكير ، عن زرارة ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : يا زرارة ان اسمك في أسامي أهل الجنة بغير ألف ، قلت : نعم جعلت فداك اسمي عبد ربه ولكني لقبت بزرارة.
٢٠٩ ـ حدثني محمد بن مسعود ، قال : حدثني علي بن محمد القمي ، قال : حدثني محمد بن أحمد ، عن عبد الله بن أحمد الرازي ، عن بكر بن صالح ، عن ابن أبي عمير : عن هشام بن سالم ، عن زرارة ، قال : اسمع والله بالحرف من جعفر بن محمد عليهالسلام من الفتيا فازداد به ايمانا.
٢١٠ ـ حدثني جعفر بن محمد بن معروف ، قال ، حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام ان أباك حدثني أن الزبير والمقداد وسلمان الفارسي حلقوا رءوسهم ليقاتلوا أبا بكر ، فقال لي : لو لا زرارة لظننت أن أحاديث أبي عليهالسلام ستذهب.
٢١١ ـ حدثني حمدويه بن نصير قال : حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن محبوب السراد ، عن العلاء بن رزين ، عن يونس بن عمار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام ان زرارة قد روى عن أبي جعفر عليهالسلام أنه لا يرث مع الام والاب والابن والبنت أحد من الناس شيئا إلا زوج أو زوجة ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : أما ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام فلا يجوز أن ترده.
وأما في الكتاب في سورة النساء فان الله عز وجل يقول ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ) (١) يعني اخوة الاب وأم وأخوة الاب ، والكتاب يا يونس قد ورّث هاهنا مع الابناء ، فلا تورث البنات الا الثلثين.
٢١٢ ـ محمد بن مسعود ، عن الخزاعي عن محمد بن زياد أبي عمير ، عن علي بن عطية ، عن زرارة ، قال : والله لو حدثت بكلما سمعته من أبي عبد الله عليهالسلام لانتفخت ذكور الرجال على الخشب.
٢١٣ ـ حدثني ابراهيم بن العباس الختلي ، قال : حدثني أحمد بن ادريس القمي ، قال : حدثني محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن أبي الصهبان او غيره عن سليمان بن داود المنقري ، عن ابن أبي عمير ، قال : قلت لجميل بن دراج ، ما أحسن محضرك وأزين مجلسك؟ فقال : أي والله ما كنا حول زرارة بن أعين الا بمنزلة الصبيان في الكتّاب حول المعلم.
٢١٤ ـ حدثني محمد بن قولويه ، قال : حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف قال : حدثني أحمد بن محمد بن عيسى ، وعبد الله بن محمد بن عيسى أخوه ، والهيثم بن أبي مسروق ، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسين بن محبوب ، عن
__________________
(١) سورة النساء : ١١
العلاء بن رزين ، عن يونس بن عمار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام ان زرارة ، وذكر مثل الحديث الذي رواه حمدويه بن نصير ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن محبوب
٢١٥ ـ حدثني حمدويه بن نصير ، عن يعقوب بن يزيد ، عن القاسم بن عروة ، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : أحب الناس إلي أحياء وأمواتا أربعة : بريد بن معاوية العجلي ، وزرارة ، ومحمد بن مسلم ، والاحول وهم أحب الناس إلي أحياء وأمواتا.
٢١٦ ـ محمد بن قولويه ، قال : حدثني سعد بن عبد الله ، قال : حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يوما ودخل عليه الفيض بن المختار ، فذكر له آية من كتاب الله عز وجل تأولها أبو عبد الله عليهالسلام فقال له الفيض : جعلني الله فداك ما هذا الاختلاف الذي بين شيعتكم؟ قال : وأي الاختلاف يا فيض؟
فقال له الفيض : اني لا جلس في حلقهم بالكوفة فأكاد أشك في اختلافهم في حديثهم. حتى أرجع الى المفضل بن عمر ، فيوقفني من ذلك على ما تستريح اليه نفسي ، ويطمئن اليه قلبي.
فقال أبو عبد الله عليهالسلام : أجل هو كما ذكرت يا فيض ، ان الناس أولعوا بالكذب علينا ان الله افترض عليهم لا يريد منهم غيره واني أحدث أحدهم بالحديث فلا يخرج من عندي حتى يتأوله على غير تأويله ، وذلك أنهم لا يطلبون بحديثنا وبحبنا ما عند الله وانما يطلبون به الدنيا ، وكل يحب أن يدعى رأسا ، أنه ليس من عبد يرفع نفسه الا وضعه الله ، وما من عبد وضع نفسه الا رفعه الله وشرفه.
فاذا أردت بحديثنا فعليك بهذا الجالس وأومى بيده الى رجل من أصحابه ، فسألت أصحابنا عنه فقالوا : زرارة بن أعين.
٢١٧ ـ حدثني حمدويه بن نصير ، قال : حدثني يعقوب بن يزيد ، ومحمد ابن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن أبي عمير ، عن ابراهيم بن عبد الحميد
وغيره ، قالوا : قال أبو عبد الله عليهالسلام : رحم الله زرارة بن أعين ، لو لا زرارة بن أعين ، لو لا زرارة ونظراؤه لاندرست أحاديث أبي عليهالسلام.
٢١٨ ـ حدثني الحسين بن بندار القمي ، قال : حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي ، قال : حدثنا علي بن سليمان بن داود الرازي ، قال : حدثني محمد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبيدة الحذاء ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : زرارة وأبو بصير ومحمد بن مسلم وبريد من الذين قال الله تعالى ( وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (١).
٢١٩ ـ حدثني حمدويه : قال حدثني يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد الا قطع ، قال : سمعت ابا عبد الله عليهالسلام يقول ما أجد أحدا أحيا ذكرنا وأحاديث أبي عليهالسلام الا زرارة وابو بصير ليث المرادي ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية العجلي ، ولو لا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا.
هؤلاء حفاظ الدين وأمناء ابي عليهالسلام على حلال الله وحرامه ، وهم السابقون إلينا في الدنيا والسابقون إلينا في الآخرة.
٢٢٠ ـ حدثني محمد بن قولويه والحسين بن الحسن ، قالا : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله المسمعي ، قال : حدثني علي بن حديد المدائني عن جميل بن دراج ، قال : دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام فاستقبلني رجل خارج من عند أبي عبد الله عليهالسلام من أهل الكوفة من اصحابنا.
فلما دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام قال لي. لقيت الرجل الخارج من عندي؟ فقلت بلي هو رجل من أصحابنا من أهل الكوفة ، فقال لا قدس الله روحه ولا قدس مثله.
انه ذكر أقواما كان أبي عليهالسلام ائتمنهم على حلال الله وحرامه وكانوا عيبة علمه وكذلك اليوم هم عندي ، هم مستودع سري أصحاب أبي عليهالسلام حقا ، اذا أراد الله
__________________
(١) سورة الواقعة : ١٠.
بأهل الارض سوءا صرف بهم عنهم السوء ، هم نجوم شيعتي أحياء وأمواتا يحيون ذكر أبي عليهالسلام بهم يكشف الله كل بدعة ينفون عن هذا الدين انتحال المبطلين وتأول الغالين ، ثم بكى.
فقلت : من هم؟ فقال : من عليهم صلوات الله ورحمته احياء وامواتا ، بريد العجلي وزرارة وأبو بصير ومحمد بن مسلم ، أما أنه يا جميل سيبين لك أمر هذا الرجل الى قريب ، قال جميل : فو الله ما كان الا قليلا حتى رأيت ذلك الرجل ينسب الى أصحاب أبي الخطاب ، قلت : الله يعلم حيث يجعل رسالاته ، قال جميل : وكنا نعرف أصحاب أبي الخطاب ببغض هؤلاء رحمة الله عليهم.
٢٢١ ـ حدثني حمدوية بن نصير ، قال : حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد قال : حدثني يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن زرارة.
ومحمد بن قولويه والحسين بن الحسن ؛ قالا : حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثني هارون بن الحسن بن محبوب ، عن محمد بن عبد الله بن زرارة وابنيه الحسن والحسين ، عن عبد الله بن زرارة قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام اقرأ مني على والدك السّلام.
وقل له : اني انما أعيبك دفاعا مني عنك فان الناس والعدو يسارعون الى كل من قربناه وحمدنا مكانه لا دخال الاذى في من نحبه ونقربه ، ويرمونه لمحبتنا له وقربه ودنوه منا ، ويرون ادخال الاذى عليه وقتله ويحمدون كل من عبناه نحن وأن نحمد أمره.
فانما أعيبك لأنك رجل اشتهرت بنا ولميلك إلينا وأنت في ذلك مذموم عند الناس غير محمود الاثر لمودتك لنا ولميلك إلينا ، فأحببت أن أعيبك ليحمدوا أمرك في الدين بعيبك ونقصك ويكون بذلك منا دافع شرهم عنك يقول الله جل وعز ( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً ) (١).
__________________
(١) سورة الكهف : ٧٩
هذا التنزيل من عند الله صالحة ، لا والله ما عابها الا لكي تسلم من الملك ولا تعطب على يديه ، ولقد كانت صالحة ليس للعيب منها مساغ والحمد لله.
فافهم المثل يرحمك الله ، فانك والله أحب الناس إلي ، وأحب أصحاب أبي عليهالسلام حيا وميتا ، فانك أفضل سفن ذلك البحر القمقام الزاخر ، أن من ورائك ملكا ظلوما غصوبا يرقب عبور كل سفينة صالحة ترد من بحر الهدى ليأخذها غصبا ثم يغصبها وأهلها.
فرحمة الله عليك حيا ورحمته ورضوانه عليك ميتا ، ولقد أدى إلي ابناك الحسن والحسين رسالتك ، حاطهما الله وكلاهما ورعاهما وحفظهما بصلاح أبيهما كما حفظ الغلامين.
فلا يضيقن صدرك من الذي أمرك أبي عليهالسلام وأمرتك به ، وأتاك أبو بصير بخلاف الذي أمرناك به ، فلا والله ما أمرناك ولا أمرناه الا بأمر وسعنا ووسعكم الاخذ به.
ولكل ذلك عندنا تصاريف ومعان توافق الحق ، ولو أذن لنا لعلمتم أن الحق في الذي أمرناكم به ، فردوا إلينا الامر وسلموا لنا واصبروا لا حكامنا وارضوا بها ، والذي فرق بينكم فهو راعيكم الذي استرعاه الله خلقه ، وهو اعرف بمصلحة غنمه في فساد أمرها ، فان شاء فرق بينها لتسلم ، ثم يجمع بينها لتأمن من فسادها وخوف عدوها في آثار ما يأذن الله ، ويأتيها بالامن من مأمنه والفرج من عنده.
عليكم بالتسليم والرد إلينا وانتظار أمرنا وأمركم وفرجنا وفرجكم ، ولو قد قام قائمنا وتكلم متكلمنا ، ثم استأنف بكم تعليم القرآن وشرايع الدين والاحكام والفرائض ، كما أنزله الله على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنكم أهل البصائر فتكم ذلك اليوم
______________________________________________________
زرارة بن أعين
قوله عليهالسلام : لأنكم (١) أهل البصائر
لام التعليل الداخلة على أن باسمها وخبرها على ما في أكثر النسخ متعلقة
__________________
(١) وفي المطبوع من الرجال : لا نكر أهل البصائر فتكم ذلك اليوم الخ.
انكار شديدا.
ثم لم تستقيموا على دين الله وطريقه ، الا من تحت حد السيف فوق رقابكم ،
______________________________________________________
باستيناف التعليم.
و « فتكم » بفتح الفاء وتشديد التاء المثناة من فوق جملة فعلية على جواب لو.
و « ذلك اليوم » منصوب على الظرف ، و « انكار شديد » مرفوع على الفاعلية.
والمعنى : شق عصاكم ، وكسر قوة اعتقادكم ، وبدد جمعكم ، وفرق كلمتكم.
قال في أساس البلاغة : فتات المسك وهو كسارته وسقاطته وكذلك فتات الخبز وفتات العهن ، وهذا مما يفت كبدي ، وفت عضده اذا كسر قوته وفرق عنه أعوانه (١).
وفي النهاية الاثيرية : يقال لكل من أحدث شيئا في أمرك دونك قد افتات عليك فيه ، وفلان يفتات عليه في كذا (٢).
قلت : وذلك افتعال من الفوت لا من الفت.
وفي القاموس : الفت الدق والكسر بالاصابع والشق في الصخرة ، وفت في ساعده أضعفه ، والفتات ما تفتت وأهل بيت فت مثلثة الفاء منتشرون (٣).
وفي بعض النسخ « انكارا شديدا » نصبا على التمييز ، أو على نزع الخافض وذلك اليوم بالرفع على الفاعلية.
وربما يوجد في النسخ : لأنكر ، بفتح اللام ، للتأكيد ، وأنكر على الفعل من الانكار ، وأهل البصائر بالرفع على الفاعلية ، وفيكم بحرف الجر المتعلقة بمجرورها بأهل البصائر للظرفية ، أو بمعنى منكم ، وذلك اليوم بالنصب على الظرف ، وانكارا شديدا منصوبا على المفعول المطلق ، أو على التمييز فليعرف.
__________________
(١) أساس البلاغة : ٤٦١.
(٢) نهاية ابن الاثير : ٣ / ٤٧٧.
(٣) القاموس : ١ / ١٥٣.
ان الناس بعد نبي الله عليهالسلام ركب الله به سنة من كان قبلكم ، فغيروا وبدلوا وحرفوا وزادوا في دين الله ونقصوا منه ، فما من شيء عليه الناس اليوم الا وهو محرف عما نزل به الوحي من عند الله فاجب رحمك الله من حيث تدعى الى حيث تدعى ، حتى يأتي من يستأنف بكم دين الله استينافا ، وعليك بالصلاة الستة والاربعين ، وعليك بالحج أن تهل بالافراد ، وتنوي الفسخ اذا قدمت مكة وطفت وسعيت ، فسخت ما أهللت به.
وقلبت الحج عمرة أحللت الى يوم التروية ثم استأنف الاهلال بالحج مفردا الى منى وتشهد المنافع بعرفات والمزدلفة ، فكذلك حج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهكذا أمر أصحابه ان يفعلوا : ان يفسخوا ما أهلوا به ويقلبوا الحج عمرة ، وانما أقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على احرامه لسوق الذي ساق معه ، فان السائق قارن والقارن لا يحل حتى يبلغ هديه محله ، ومحله المنحر بمنى ، فاذا بلغ أحل ، فهذا الذي أمرناك به حج المتمتع.
فالزم ذلك ولا يضيقن صدرك ، والذي أتاك به أبو بصير من صلاة احدى وخمسين ، والا هلال بالتمتع بالعمرة الى الحج وما أمرنا به من أن يهل بالتمتع فلذلك عندنا معان وتصاريف لذلك ما يسعنا ويسعكم ولا يخالف شيء من ذلك الحق ولا يضاده ، والحمد لله رب العالمين.
٢٢٢ ـ حدثني محمد بن قولويه ، قال حدثنا سعد بن عبد الله القمي ، عن محمد ابن عبد الله المسمعي ، وأحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن أسباط ، عن الحسين ابن زرارة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهماالسلام : ان أبي يقرأ عليك السّلام ويقول لك جعلني الله فداك أنه لا يزال الرجل والرجلان يقدمان فيذكران أنك ذكرتني وقلت في فقال : اقرأ أباك السّلام ، وقل له أنا والله أحب لك الخير في الدنيا وأحب لك الخير في الآخرة ، وأنا والله عنك راض فما تبالي ما قال الناس بعد هذا.
٢٢٣ ـ حدثني محمد بن قولويه ، قال : حدثني سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن هلال ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، قال : دخل زرارة على أبي
عبد الله عليهالسلام فقال يا زرارة متأهل أنت؟ قال : لا ، قال : وما يمنعك من ذلك؟ قال : لأني لا أعلم تطيب مناكحة هؤلاء أم لا؟
قال : فكيف تصبر وأنت شاب؟ قال أشتري الاماء ، قال : ومن أين طاب لك نكاح الاماء؟ قال : لان الامة ان رابني من أمرها شيء بعتها ، قال : لم أسألك عن هذا ، ولكن سألتك من أين طاب لك فرجها؟ قال له : فتأمرني أن أتزوج؟ قال له : ذاك إليك.
قال : فقال له زرارة هذا الكلام ينصرف على ضربين : اما أن لا تبالي أن أعصي الله اذ لم تأمرني بذلك ، والوجه الاخر أن تكون مطلقا لي ، قال : فقال عليك بالبلهاء
قال فقلت : مثل التي تكون على رأي الحكم بن عيينة وسالم بن أبي حفصة؟
______________________________________________________
قوله (ع) : عليك بالبلهاء
في حديث الزبرقان بن عمرو (١) امية الضميري : خير أولادنا الابله العقول وخير النساء البلهاء وقال : ولقد لهوت بطفلة مياله بلهاء تطلعني على أسرارها.
قال ابن الاثير في النهاية : يريد أنه لشدة حيائه كالأبله وهو عقول ، وقال في الحديث « ان أكثر أهل الجنة البله » جمع الابله ، وهو الغافل عن الشر المطبوع على الخير ، وقيل : هم الذين غلبت عليهم سلامة الصدور وحسن الظن بالناس ، لأنهم أغفلوا من دنياهم فجهلوا حذق التصرف فيها ، وأقبلوا على آخرتهم ، وشغلوا أنفسهم بها ، فاستحقوا أن يكونوا أكثر أهل الجنة ، فاما الابله وهو الذي لا عقل له فغير مراد في الحديث (٢).
قوله رحمهالله : على رأى الحكم بن عيينة
الحكم بن عيينة كان استاذ زرارة من قبل ، فانقطع عنه واتصل بأبي جعفر عليهالسلام كما ذكره أبو عمرو الكشي في الجزء الثالث من الكتاب.
__________________
(١) وفي « م » : عمرو بن امية
(٢) نهاية ابن الاثير : ١ / ١٥٥
قال : لا ، التي لا تعرف ما أنتم عليه ولا تنصب ، قد زوج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أبا العاص ابن الربيع وعثمان بن عفان ، وتزوج عائشة وحفصة وغيرهما ، فقال : لست أنا بمنزلة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي كان يجري عليهم حكمه وما هو الا مؤمن أو كافر قال الله عز وجل ( فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ) (١).
فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : فأين أصحاب الاعراف؟ وأين المؤلفة قلوبهم؟ وأين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا؟ وأين الذين لم يدخلوها وهم يطمعون؟ قال زرارة : أيدخل النار مؤمن؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : لا يدخلها الا أن يشاء الله قال زرارة : فيدخل الكافر الجنة؟ فقال أبو عبد الله : لا ، فقال زرارة : هل يخلو أن يكون مؤمنا أو كافرا؟.
فقال أبو عبد الله عليهالسلام : قول الله أصدق من قولك يا زرارة ، بقول الله أقول ، يقول الله خ ج ( لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ ) (٢) لو كانوا مؤمنين لدخلوا الجنة ، ولو كانوا كافرين لدخلوا النار ، قال : فما ذا؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : أرجهم حيث أرجاهم الله أما أنك لو بقيت لرجعت عن هذا الكلام ولحللت عقدك قال ، وأصحاب زرارة يقولون لرجعت عن هذا الكلام وتحللت عنك عقد الايمان.
قال أصحاب زرارة : فكل من أدرك زرارة بن أعين ، فقد أدرك أبا عبد الله عليهالسلام فانه مات بعد أبي عبد الله عليهالسلام بشهرين أو أقلّ وتوفى ابو عبد الله عليهالسلام وزرارة مريض مات في مرضه ذلك.
______________________________________________________
قوله (ع) : خ ج
رمز خ ج مسمى الخاء المعجمة أولا ومسمى الجيم أخيرا ، اشارة الى قول الله جل وعز ( وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ ) (٣).
__________________
(١) سورة التغابن : ٢
(٢) سورة الاعراف : ٤٦
(٣) سورة التوبة : ١٠٦
٢٢٤ ـ حدثني ابو عبد الله محمد بن ابراهيم الوراق ، قال : حدثني علي بن محمد بن يزيد القمي قال : حدثني بنان بن محمد بن عيسى. عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن محمد بن أبي عمير ، قال : دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام فقال كيف تركت زرارة؟ قال : تركته لا يصلي العصر حتى تغيب الشمس ، قال : فأنت رسولي اليه فقل له فليصل في مواقيت اصحابه فاني قد حرقت ، قال : فأبلغته ذلك فقال : أنا والله أعلم أنك لم يكذب عليه ولكني أمرني بشيء فأكره أن أدعه.
٢٢٥ ـ حدثني محمد بن قولويه ، قال حدثني سعد بن عبد الله ، قال : حدثني أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن اسماعيل بن عيسى ، عن محمد بن عمرو بن سعيد الزيات ، عن يحيى بن محمد بن عيسى أبي حبيب ، قال : سألت الرضا عليهالسلام عن أفضل ما يتقرب به العبد الى الله من صلاته؟ فقال : ست وأربعون ركعة فرائضه ونوافله ، فقلت : هذه رواية زرارة ، فقال : أترى أن أحدا كان أصدع بحق من زرارة.
٢٢٦ ـ حدثني حمدويه ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن القاسم بن عروة عن ابن بكير ، قال : دخل زرارة على أبي عبد الله عليهالسلام قال : انكم قلتم لنا في الظهر والعصر على ذراع وذراعين ، ثم قلتم أبردوا بها في الصيف ، فكيف الابراد بها؟
وفتح ألواحه ليكتب ما يقول ، فلم يجبه أبو عبد الله عليهالسلام بشىء ، فأطبق ألواحه فقال : انما علينا أن نسألكم وأنتم أعلم بما عليكم.
وخرج ودخل أبو بصير على أبي عبد الله عليهالسلام فقال ان زرارة سألني عن شيء فلم أجبه وقد ضقت فاذهب أنت رسولي اليه ، فقل صل الظهر في الصيف اذا كان ظلك مثلك والعصر اذا كان ظلك مثليك ، وكان زرارة هكذا يصلي في الصيف ، ولم أسمع أحدا من أصحابنا يفعل ذلك غيره وغير ابن بكير.
٢٢٧ ـ حمدويه ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمر ، عن ابن أذينة ، عن زرارة ، قال : كنت قاعدا عند أبي عبد الله عليهالسلام أنا وحمران ، فقال له حمران :
ما تقول فيما يقول زرارة فقد خالفته فيه؟ قال : فما هو؟ قال يزعم أن مواقيت الصلاة مفوضة الى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو الذي وضعها ، قال : فما تقول أنت؟ قال : قلت أن جبريل عليهالسلام أتاه في اليوم الاول بالوقت الاول وفي اليوم الثاني بالوقت الاخير ثم قال جبريل : يا محمد ما بينهما وقت.
فقال أبو عبد الله عليهالسلام يا حمران ان زرارة يقول : انما جاء جبريل مشيرا على محمد عليهالسلام ، صدق زرارة ، فجعل الله ذلك الى محمد عليهالسلام فوضعه وأشار جبريل عليه.
٢٢٨ ـ حدثنا محمد بن مسعود ، قال حدثنا جبريل بن أحمد الفاريابي ، قال : حدثني العبيدى محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن ابن مسكان ، قال : سمعت زرارة يقول : رحم الله أبا جعفر واما جعفر فان في قلبي عليه لعنة! فقلت له :
______________________________________________________
قوله رحمهالله : فان في قلبى عليه لعنة (١)
بفتح اللام للتأكيد واهمال العين مفتوحة أو مضمومة وتشديد النون ، أي أن في قلبي عليه لعنة ، أي أن في قلبي لعارضا واعتراضا عليه ، عنّ للنفس وعرض للقلب وهجس في الصدر وخطر في الضمير معتنا معترضا.
أو أن في قلبي شدة وملاجة وهيجانا في المعانة والاعتنان أي المعارضة والاعتراض.
والعنن أي اللجاج والمحاجة والمؤاخذة عليه أو لعارضة وغائلة عليه فجأة لست أدري ما سببها ، من قولهم : أعننت بعنة ما أدري ما هي ، أي تعرضت لشيء ما أعرفه
قال في مجمل اللغة : ولقيته عين عنة ، أي فجاءة. والعنن شبه اللجاج.
وفي بعض النسخ اعجام الغين المضمومة اما على الاستعارة من الغنة للمستور في حجاب القلب المكنون في كنان الضمير ، أو بمعنى الغلظة.
قال في المغرب : الغنه صوت من اللهاة والانف مثل نون منك وعنك ، لأنه لا حظ لها في اللسان ، والخنة أشد منها ، قال أبو زيد : الغن الذي يجري كلامه في
__________________
(١) وفي المطبوع من الرجال : لفتة.
وما حمل زرارة على هذا؟ قال : حمله على هذا لان أبا عبد الله عليهالسلام أخرج مخازيه.
٢٢٩ ـ حدثني حمدويه ، وابراهيم ابنا نصير ، قالا : حدثنا العبيدي ، عن هشام ابن ابراهيم الختلي وهو المشرقي ، قال قال لي أبو الحسن الخراساني عليهالسلام كيف تقولون في الاستطاعة بعد يونس فذهب فيها مذهب زرارة ، ومذهب زرارة هو الخطاء؟
فقلت : لا ، ولكنه بأبي أنت وأمي ما يقول زرارة في الاستطاعة ، وقول زرارة فيمن قدر ونحن منه براء وليس من دين آبائك ، وقال الآخرون بالجبر ونحن منه براء وليس من دين آبائك.
قال : فبأي شيء تقولون؟ قلت بقول أبي عبد الله عليهالسلام وسأل عن قول الله عز وجل
______________________________________________________
لهاته ، والاخن الساد الخياشم ، والغنة أيضا ما يغتري الغلام عند بلوغه اذا غلظ صوته.
وقال في مجمل اللغة : واد أغن ملتف فترى الريح تجري ولها غنة ويقال : بل ذلك لكثرة ذبانه.
ثم ان السيد جمال الدين بن طاوس كأنه على ما يستذاق من كلامه ويستشم من سياقه ، قد صحف النون بالياء المثناة من تحت بعد العين المهملة ، من العي ـ بالكسر ـ وهو الجهل وخلاف البيان ، والغين المعجمة ـ بالفتح ـ وهو الجهل وخلاف الرشد كما في مجمل اللغة وغيره.
وذلك لأنه قال في اختياره من كتاب الكشي في الجواب عن هذا الحديث والطعن فيه بهذه العبارة : وقد روى من طريق محمد بن عيسى عن يونس ان زرارة استقل علم الصادق عليهالسلام.
وما أبعد هذا من الحق وهل يشك مخالف أو مؤلف في جلالة علم مولانا الصادق عليهالسلام ولقد أكثر محمد بن عيسى من القول في زرارة حتى لو كان بمقام عدالة كادت الظنون تسرع اليه بالتهمة ، فكيف وهو مقدوح فيه انتهى كلامه.
وقد أسمعناك من قبل أن محمد بن عيسى غير ساقط الدرجة عن مقام العدالة
( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (١) ما استطاعته؟ قال ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام صحته وما له فنحن بقول أبي عبد الله عليهالسلام نأخذ قال : صدق أبو عبد الله عليهالسلام هذا هو الحق.
٢٣٠ ـ حدثني طاهر بن عيسى الوراق ، قال : حدثني جعفر بن أحمد بن أيوب قال حدثني أبو الحسن صالح بن أبي حماد الرازي ، عن ابن أبي نجران عن علي ابن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قلت الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم قال أعاذنا الله واياك من ذلك الظلم قلت : ما هو؟ قال : هو والله ما أحدث زرارة وأبو حنيفة وهذا الضرب قال : قلت : الزنا معه؟ قال : الزنا ذنب.
٢٣١ ـ حدثني محمد بن نصير قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن حفص مؤذن علي بن يقطين يكني أبا محمد ، عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم؟ قال : أعاذنا الله واياك يا أبا بصير من ذلك الظلم ذلك ما ذهب فيه زرارة وأصحابه وأبو حنيفة وأصحابه.
٢٣٢ ـ حدثني حمدويه بن نصير ، قال : حدثني محمد بن عيسى بن عبيد عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن حمزة ، قال قلت لأبي عبد الله عليهالسلام بلغني أنك برئت من عمي يعني زرارة؟ قال ، فقال : انا لم أبرأ من زرارة لكنهم يجيئون ويذكرون ويروون عنه ، فلو سكت عنه الزمونيه ، فأقول من قال هذا فأنا الى الله منه بريء.
٢٣٣ ـ محمد بن مسعود ، قال : حدثني عبد الله بن محمد بن خالد ، قال : حدثني الوشاء ، عن ابن خداش ، عن علي بن اسماعيل عن ربعي ، عن الهيثم بن حفص العطار قال سمعت حمزة بن حمران ، يقول حين قدم من اليمن : لقيت أبا عبد الله عليهالسلام فقلت له بلغنى أنك لعنت عمي زرارة قال : فرفع يديه حتى صك بها صدره ، ثم قال : لا والله ما قلت ولكنكم تأتون عنه بأشياء فأقول من قال هذا فأنا منه بريء.
قال قلت فأحكي لك ما يقول؟ قال نعم قال قلت : ان الله عز وجل لم يكلف العباد
__________________
(١) سورة آل عمران : ٩٧
الا ما يطيقون ، وأنهم لن يعملوا الا أن يشاء الله ويريد ويقضي ، قال : هو والله الحق.
ودخل علينا صاحب الزطى فقال له يا ميسر ألست على هذا؟ قال : على أي شيء أصلحك الله أو جعلت فداك؟ قال : فأعاد هذا القول عليه كما قلت له ، ثم قال : هذا والله ديني ودين آبائي.
٢٣٤ ـ حدثني أبو جعفر محمد بن قولويه ، قال : حدثني محمد بن أبي القاسم أبو عبد الله المعروف بماجيلويه ، عن زياد بن أبي الحلال ، قال : قلت لأبي عبد الله
______________________________________________________
قوله : حدثنى أبو جعفر الى قوله حدثنى محمد بن أبى القاسم أبو عبد الله المعروف بما جيلويه
طريق هذا الحديث صحيح بلا امتراء اتفاقا.
ومن العجب كل العجب من السيد جمال الدين بن طاوس اذ قال : الذي يظهر أن الرواية غير متصلة ، لان محمد بن أبي القاسم كان معاصرا لأبي جعفر محمد ابن بابويه ، ويبعد أن يكون زياد بن أبي الحلال عاش من زمن الصادق حتى لقيه محمد بن أبي القاسم معاصر أبي جعفر بن بابويه.
وكيف خفى عليه أن المعاصر لأبي جعفر بن بابويه محمد بن علي ما جيلويه لا محمد بن أبي القاسم ، وكثيرا ما في الفقيه وفي سائر كتبه يقول في الاسانيد : حدثني محمد بن علي ما جيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم.
ويظهر من النجاشي أن محمد بن أبي القاسم جد محمد بن علي ما جيلويه المعاصر لأبي جعفر محمد بن بابويه ، فانه ذكر في كتابه ان محمد بن أبي القاسم الملقب ما جيلويه صهر أحمد بن أبي عبد الله على ابنته وابنه محمد بن علي منها.
ثم قال أخبرنا اي علي بن أحمد رحمهالله قال : حدثنا محمد بن علي بن الحسين يعني به أبي جعفر بن بابويه قال : حدثنا محمد بن علي ما جيلويه قال : حدثنا أبي علي بن محمد عن أبيه محمد بن أبي القاسم (١) فتدبر.
__________________
(١) رجال النجاشى : ٢٧٣
عليهالسلام ان زرارة روى عنك في الاستطاعة شيئا فقبلنا منه وصدقناه ، وقد أحببت أن أعرضه عليك ، فقال : هاته ، قلت : فزعم أنه سألك عن قول الله عز وجل ( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) فقلت : من ملك زادا وراحلة ، فقال : كل من ملك زادا وراحلة ، فهو مستطيع للحج وان لم يحج؟ فقلت نعم.
______________________________________________________
قوله : روى عنك في الاستطاعة شيئا.
القول المنسوب الى زرارة وأصحابه ، وقد قال مولانا الصادق عليهالسلام أنه بريء منه ، وأن ذلك ليس من دينه ودين آبائه صلوات الله عليهم ، هو تفويض الفعل واسناده الى قدرة العبد وارادته على الاستقلال بالذات من غير استناد الى الله وارادته تعالى سلطانه أصلا الا بالعرض ، وفريق جم من العامة يسمون أصحاب هذا القول بالقدرية.
ولعل من في اقليم العقل والبرهان يعلم أنه من الممتنع أن يتصحح للممكن الذاتي (١) تحقق بالفعل من دون الاستناد الى الواجب الحق بالذات.
وفي ازاء هذا القول قول الجبرية بالتحريك وأولئك هم القدرية على التحقيق واياهم عني النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم « القدرية مجوس هذا الامة » كما قد أسلفنا بيانه ، وهو اسناد أفعال العباد الى الله سبحانه ابتداء ونفي مدخلية قدرة العبد وارادته في فعله مطلقا ، وكان ذا العقل الصريح والذهن الصراح ليس يحتاج في ابطال ذلك الى مؤنة تجشم.
والطريق الوسط الذي هو القول الفصل والدين الحق والكلمة السواء أنه لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين الامرين ، فان المبادي المترتبة المنبعث عنها فعل العبد مبتدأة في جهة التصاعد من القدرة الحقة الوجوبية والارادة الحقيقية الربوبية ، ومنتهية في جهة التنازل الى قدرة العبد وارادته المنبعث عنهما فعله ، والجميع في نظام الوجود مستند الى الذات الاحدية الحقة التي هي في حد نفسها عين العلم المحيط
__________________
(١) في « س » : الذاتية