الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-173-7
ISBN الدورة:
الصفحات: ٥١٨
نبيذ تعني ؟ قال : « إن أهل المدينة شكوا إلىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآله تغيّر الماء وفساد طبائعهم ، فأمرهم أن ينبذوا ، فكان الرجل يأمر خادمه أن ينبذ له ، فيعمد إلىٰ كفّ من تمر فيقذف به في الشن ، فمنه شربه ومنه طهوره » فقلت : فكم كان عدد التمر الذي في الكفّ ؟ فقال : « ما حمل الكفّ » فقلت واحدة واثنتين ؟ فقال : « ربما كانت واحدة وربما كانت اثنتين » فقلت : وكم كان يسع الشن ؟ فقال : « ما بين الأربعين إلىٰ الثمانين إلىٰ فوق ذلك » فقلت : بأيّ أرطال ؟ فقال : « أرطال مكيال العراق » .
السند :
مشتمل من محمد بن يعقوب علىٰ طريقين :
أحدهما : عن الحسين بن محمد الأشعري الثقة ، عن معلّىٰ بن محمد الذي قال النجاشي : إنّه مضطرب الحديث والمذهب (١) .
وثانيهما : عن عدّة من أصحابنا ، والعدّة ـ علىٰ ما قاله العلّامة في الخلاصة نقلاً عن الكليني ـ : علي بن محمّد علان (٢) ، ومحمّد بن أبي عبد الله (٣) ، ومحمّد بن الحسن ، ومحمّد بن عقيل الكليني (٤) .
وعلي بن محمّد المعروف بعلان ثقة ، وأمّا محمّد بن أبي عبد الله فذكر شيخنا المحقق ـ أيّده الله ـ في كتاب الرجال : أنّ الظاهر كونه محمّد
__________________
(١) رجال النجاشي : ٤١٨ / ١١١٧ .
(٢) في « فض » و « د » : علي بن محمّد بن علان ، وفي « رض » : علي بن محمّد عن علان ، والصحيح ما أثبتناه .
(٣) في النسخ : محمّد بن عبد الله ، والصحيح ما أثبتناه .
(٤) خلاصة العلّامة : ٢٧٢ .
ابن جعفر الأسدي الثقة (١) . ومحمّد بن الحسن هو الصفار .
وربما يستبعد أن يكون محمّد بن جعفر الأسدي ؛ لأنّ الراوي عنه ـ على ما في النجاشي ـ أحمد بن محمّد بن عيسىٰ (٢) ، ومحمّد بن يعقوب يروي عن أحمد بن محمّد بن عيسىٰ بواسطة العدّة غير هذه ، فكيف يروي عن محمّد بن جعفر بغير واسطة ؟ إلّا أنّ باب الاحتمال واسع .
وقد يحتمل أن يكون هو محمّد بن جعفر الأسدي الرازي المذكور في رجال من لم يرو عن أحد من الأئمّة أنّه أحد الأبواب (٣) ، وذكره الشيخ في كتاب الغيبة وقال : إنّه من الثقات (٤) ، وصرّح شيخنا ـ أيّده الله ـ : أنّهما واحد (٥) .
وقد يشكل الحال بأنّ النجاشي قال في شأن محمّد بن جعفر بن عون الأسدي : إنّه كان يقول بالجبر والتشبيه (٦) . ومحمّد بن جعفر الأسدي الرازي ، قال الشيخ : إنّه مات علىٰ ظاهر العدالة لم يطعن عليه بشيء (٧) وعلىٰ كل حال الأمر في العدة سهل لوجود الثقة غيره فيها .
أمّا ما قاله شيخنا ـ أيّده الله ـ من أنّه لا يضرّ إذا ضعف سهل مع وجود ثقة معه (٨) ؛ فلم أدر معناه ، بل الظاهر ( أنّه وهم ) (٩) ، وقد تقدم كلام
__________________
(١) منهج المقال : ٤٠١ .
(٢) رجال النجاشي : ٣٧٣ / ١٠٢٠ .
(٣) رجال الطوسي : ٤٩٦ / ٢٨ .
(٤) كتاب الغيبة : ٢٥٧ .
(٥) منهج المقال : ٢٨٨ ، ٢٨٩ .
(٦) رجال النجاشي : ٣٧٣ / ١٠٢٠ .
(٧) كتاب الغيبة : ٢٥٨ .
(٨) منهج المقال : ٤٠١ .
(٩) بدل ما بين القوسين في « رض » : خلافه .
في سهل ، واضطراب الشيخ فيه ، ( تارة وثّقه وتارة ضعّفه ) (١) (٢) .
ثم الطريقان يجتمعان في الرواية عن محمّد بن علي الهمداني ، ومحمّد هذا قال العلّامة : إنّه ضعيف (٣) . وذكر شيخنا ـ أيّده الله ـ أنّ الشيخ ضعّفه ، وقيل : إنّه أبو سمينة (٤) .
وأمّا علي بن عبد الله الحنّاط فلم أقف عليه في الرجال الآن .
وسماعة بن مهران تقدم فيه القول (٥) .
والكلبي ( يقال للحسن والحسين ابني علوان ، وقد اتّفق للنجاشي نوع إجمال في التوثيق ؛ لأنّه قال في ترجمة الحسين : إنّه عامي وأخوه الحسن يكنىٰ أبا محمّد ثقة رويا عن أبي عبد الله (٦) .
وهذا كما ترىٰ يحتمل رجوع التوثيق فيه للحسن أو الحسين ، وغير بعيد الرجوع للحسن ، إلّا أنّ باب الاحتمال واسع .
فإن قلت : ما وجه قرب الرجوع للحسن ، مع أنّ المقام مقام الحسين ؟
قلت لوجهين : الأوّل : [ أنّ ] (٧) النجاشي لم يذكر الحسن إلّا في ترجمة أخيه ، والظاهر من الكنية أنّها للحسن والتوثيق كذلك .
والثاني : أنّ التوثيق لو كان للحسين لكان أحقّ بالذكر قبل ذكر
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « د » .
(٢) راجع ص ١٣٤ .
(٣) خلاصة العلّامة : ٢٥٤ .
(٤) منهج المقال : ٣١٢ .
(٥) في ص ١١٠ ـ ١١٣ .
(٦) رجال النجاشي : ٥٢ / ١١٦ .
(٧) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة .
الحسن ) (١) .
وفي الكافي في باب ما يفصل به بين المحقّ والمبطل في آخر حديث نقله عنه ، ثم قال : فلم يزل الكلبي يدين الله بحبّنا أهل البيت حتىٰ مات (٢) .
المتن :
له نوع دلالة علىٰ ما قاله الشيخ في قوله عليهالسلام : « ومنه طهوره » إلّا أنّ ظاهر حديث حريز أنّ استعمال هذا النبيذ في الطهارة إذا لم يكن الماء ، والتسديد ممكن كما لا يخفىٰ .
وما في حديث الكلبي من قوله ، قلت : واحدة واثنتين ، كأنّ المراد به كفّ وكفّان .
أمّا قوله : « ما بين الأربعين إلىٰ الثمانين إلىٰ ما فوق ذلك » فغير خفي ما فيه ، والأمر سهل .
اللغة :
في الصحاح : العَكَرُ دُرديّ الزيت وغيره ، وعكر الشراب والماء والدهن آخره وخاثره (٣) .
( وفي القاموس : الشُوهة بالضمّ البُعد (٤) . وفيه : الشن القربة (٥) ) (٦) .
__________________
(١) بدل ما بين القوسين في « فض » و « د » : هو الحسن بن علوان وهو عامي ثقة علىٰ ما في النجاشي .
(٢) الكافي ١ : ٣٥١ / ٦ ، وفيه : بحبّ آل هذا البيت .
(٣) الصحاح ٢ : ٧٥٦ ( عكر ) .
(٤) القاموس المحيط ٤ : ٢٨٩ .
(٥) القاموس المحيط ٤ : ٢٤٢ ( شن ) .
(٦) ما بين القوسين ليس في « د » و « فض » .
قوله :
باب استعمال فضل وضوء الحائض والجنب وسؤرهما
أخبرني أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمّد بن الزبير ، عن علي ابن الحسن بن فضال ، عن أيوب بن نوح ، عن محمّد بن أبي حمزة ، عن علي بن يقطين ، عن أبي الحسن عليهالسلام في الرجل يتوضّأ بفضل الحائض ، قال : « إذا كانت مأمونة فلا بأس » .
وبهذا الإسناد عن علي بن الحسن ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن صفوان بن يحيىٰ ، عن عيص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن سؤر الحائض ، قال : « توضّأ به (١) ، وتوضّأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة ( ويغسل يده قبل أن يدخلها ) (٢) الإناء ، وقد كان رسول صلىاللهعليهوآله يغتسل هو وعائشة في إناء واحد ، ويغتسلان جميعاً » .
السند :
أمّا المشترك بين الحديثين فأحمد بن عبدون ، وقد تقدم فيه القول (٣) .
وعلي بن محمّد بن الزبير مذكور في رجال الشيخ فيمن لم يرو عن
__________________
(١) في نسخة « ب » من الاستبصار ١ : ١٧ / ٣١ : توضّأ منه ، وفي الكافي ٣ : ١٠ / ٢ : لا توضّأ منه .
(٢) في الاستبصار ١ : ١٧ / ٣١ : وتغسل يدها قبل أن تدخلها ، وفي الكافي ٣ : ١٠ / ٢ : ثم تغسل يديها قبل أن تدخلهما .
(٣) راجع ص ٧١ .
أحد من الأئمّة عليهمالسلام مهملاً (١) .
والنجاشي ذكر في ترجمة أحمد بن عبد الواحد ما صورته : وكان ـ يعني أحمد ـ قد لقي أبا الحسن علي بن محمّد القرشي المعروف بابن الزبير وكان علوّاً في الوقت (٢) .
والظاهر من « كان » العود إلىٰ علي بن محمّد بن الزبير ، والعلو في الوقت بالعين المهملة علىٰ ما وجدناه من النسخ ، ولعلّ المراد به علوّ الشأن إمّا من جهة الوجاهة ، أو من جهةٍ أعلىٰ منها ، غير أنّ الجزم بما يقتضي غير المدح في الجملة مشكل من اللفظ ، نعم في تكرار رواية أحمد بن عبد الواحد عنه قرينة علىٰ ما لا يخفىٰ ، إذا لوحظ ما قدّمناه فيما مضىٰ : من حرص المتقدّمين علىٰ الرواية عن غير الضعيف ، ( وإن وقع منهم ما يقتضي خلاف ذلك علىٰ وجه لا تُعلم حقيقته ) (٣) (٤) .
وأمّا علي بن الحسن فهو ثقة فطحي .
وأيوب بن نوح في المختص بالسند الأوّل مغن عن البيان حاله .
ومحمّد بن أبي حمزة الظاهر أنّه الثمالي الثقة علىٰ ما قاله النجاشي (٥) ، والشيخ ذكر أيضاً محمّد بن أبي حمزة التيملي مهملاً ، من أصحاب الصادق عليهالسلام (٦) ، ويحتمل الاتّحاد ، وبتقدير عدمه فاحتمال إرادته
__________________
(١) رجال الطوسي : ٤٨٠ / ٢٢ .
(٢) رجال النجاشي : ٨٧ / ٢١١ .
(٣) ما بين القوسين ليس في « فض » و « د » .
(٤) راجع ص ٤٨ ـ ٥٢ .
(٥) لم نعثر علىٰ توثيقه في رجال النجاشي ( : ٣٥٨ / ٩٦١ ) ولكنه موجود في رجال الكشّي ٢ : ٧٠٧ / ٧٦١ .
(٦) رجال الطوسي : ٣٠٦ / ٤١٧ .
بعيد ، وإن لم يؤثّر في المقام شيئاً نافعاً .
وعلي بن يقطين واضح الجلالة ، وكذلك عبد الرحمن بن أبي نجران ، وصفوان ، والعيص ، في السند الثاني .
المتن :
في الحديث الأوّل ظاهر في نفي البأس عن فضل الحائض إذا كانت مأمونة ، أمّا الفضل فلا يبعد أن يراد به السؤر ، وصريح الشيخ في النهاية والمبسوط (١) أنّ المكروه السؤر ، وفي كلام المتأخرين اختلاف في أنّ السؤر ما باشر فم الحيوان (٢) ، أو جسم الحيوان (٣) ، وفي اللغة : السؤر ما يبقىٰ بعد الشرب ، قاله الجوهري (٤) ، ولولا تصريح الشيخ بما قلناه لأمكن أن يراد بالفضل في الحديث ( مباشرة مطلق الجسم ) (٥) إن لم نقل به في السؤر ، وإن كان مجال الكلام في الأمرين واسعاً .
ثمّ إنّ الشيخ في النهاية قيّد الحائض بالمتّهمة (٦) ، وفي المبسوط أطلق (٧) ، والحديث كما ترىٰ يدل علىٰ نفي البأس عن المأمونة ، ومقتضاه الكراهة في غير المأمونة ، وهي أعم من المتّهمة كما لا يخفىٰ ، فما يوجد في كلام المتأخرين (٨) تبعاً للشيخ في النهاية من ذكر المتّهمة ، غير ظاهر الوجه .
__________________
(١) النهاية : ٤ ، المبسوط ١ : ١٠ .
(٢) كما في معالم الفقه : ١٤٧ .
(٣) كما في الذكرىٰ ١ : ١٠٦ وجامع المقاصد ١ : ١٢٢ .
(٤) الصحاح ٢ : ٦٧٥ ( سأر ) .
(٥) في « رض » : مطلق مباشرة الجسم .
(٦) النهاية : ٤ .
(٧) المبسوط ١ : ١٠ .
(٨) منهم الفاضلان في المعتبر ١ : ٩٩ والقواعد ١ : ٥ والشهيد في اللمعة ( الروضة ١ ) : ٤٧ .
وأمّا متن الحديث الثاني : فهو كما ترىٰ لا يخلو من إجمال ، وإن كان مصرّحاً بالسؤر ، فيمكن حمل الفضل علىٰ السؤر ، ويرجع الحال إلىٰ بيان السؤر ، وقد ذكرنا الإشكال في ذلك .
ووجه الإجمال في الحديث أنّ الجنب ، ظاهر الحديث عدم الكراهة فيه ، سواء كان مأموناً أو لا ، رجلاً أو امرأة .
وقد يحتمل أن يكون المراد بالجنب المرأة ، وقوله : « إذا كانت مأمونة » قيداً لهما ، ويدل عليه ذكر اغتسال عائشة مع النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وحينئذٍ يدل الحديث علىٰ أنّ السؤر ما باشره جسم الحيوان .
وربما يستفاد من ظاهر العلّة الشمول للرجل ، ويتحقق أنّ المراد بالسؤر المبحوث عنه في كلام الأصحاب ذلك ، وإن صرح البعض بأنّ المراد به ما باشره الفم (١) .
وقال شيخنا ـ قدسسره ـ : إنّ الأظهر في تعريفه ما باشره فم حيوان ، واعترض علىٰ من عرّفه بأنّه ما باشره الجسم : بأنّه مخالف لما نصّ عليه أهل اللغة ، ودل عليه العرف العام ، بل والخاص أيضاً كما يعلم من تتبّع الأخبار وكلام الأصحاب ، وبأنّ الوجه الذي لأجله جعل السؤر قسيماً للمطلق ـ مع كونه قسماً منه ـ وقوع الخلاف في نجاسة بعضه من طاهر العين (٢) . انتهىٰ .
وقد يقال : إنّ ما ذكره من كلام الأصحاب محلّ تأمّل ؛ لتصريح بعضهم بأنّ السؤر ما باشره جسم حيوان (٣) . وما ذكره من العلّة له وجه ، إلّا أنّه لا يقتضي
__________________
(١) كما في معالم الفقه : ١٤٧ .
(٢) مدارك الأحكام ١ : ١٢٨ ـ ١٢٩ .
(٣) كالشهيد الثاني في الروضة البهية ١ : ٤٦ .
انحصار السؤر في الفم ، بل علىٰ تقدير التعميم يتحقق جعله قسيماً .
واحتمال أن يقال : إنّ المباشرة بغير الفم يقال لها فضلة ؛ يوجب الإشكال في فضلة الكلب وما معه في حديث أبي العباس الآتي (١) ، فإنّه جعله ـ قدسسره ـ دليلاً علىٰ أنّ السؤر ما باشر فم الحيوان . وسيأتي القول فيه (٢) ، إن شاء الله .
والحديث المذكور هنا ـ وهو الثاني ـ ظاهر الدلالة علىٰ أنّ السؤر يقال علىٰ غير الفم ، غاية الأمر أنّه لا يفيد الانحصار في الفم ، فيندفع به ما قدّمناه من الاتحاد ، إلّا أنّ الحديث لمّا كان غير صحيح لا يفيد المطلوب .
نعم في صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسىٰ عليهالسلام : أنّه سأله عن اليهودي والنصراني يدخل يده في الماء أيتوضّأ منه ؟ قال : « لا ، إلّا أن يضطرّ إليه » (٣) .
( وفي الفقيه روىٰ مرسلاً عن علي عليهالسلام : أنّه سئل أيتوضّأ من فضل وضوء جماعة المسلمين أحب إليك أو يتوضّأ من ركو أبيض مخمر ؟ فقال : « بل (٤) من فضل وضوء جماعة المسلمين » (٥) (٦) .
وقد حكىٰ المحقق في المعتبر عن المفيد : أنّ له في سؤر اليهودي والنصراني قولين : أحدهما : النجاسة ، والآخر : الكراهة (٧) .
__________________
(١) في ص ١٦١ ـ ١٦٢ .
(٢) في ص ١٦٣ ـ ١٦٥ .
(٣) التهذيب ١ : ٢٢٣ / ٦٤٠ ، الوسائل ٣ : ٤٢١ أبواب النجاسات ب ١٤ ح ٩ .
(٤) في المصدر والوسائل زيادة : لا بل .
(٥) الفقيه ١ : ٩ / ١٦ ، الوسائل ١ : ٢١٠ أبواب الماء المضاف ب ٨ ح ٣ .
(٦) ما بين القوسين ساقط من « فض » و « د » .
(٧) المعتبر ١ : ٩٦ .
ولو حمل علىٰ أنّ مراده بالسؤر ما باشر الجسم أمكن الاستدلال له بصحيح علي بن جعفر ، إلّا أنّه لم يعلم الحال منه .
وفي المختصر الأحمدي لابن الجنيد ما هذا لفظه : والتنزّه عن سؤر جميع من يستحلّ المحرّمات من ملّي وذمّي وما ماسّوه بأبدانهم أحبّ إليّ إذا كان الماء قليلاً (١) .
وهذا الكلام غير صريح في تناول السؤر لما ماسّوه بأبدانهم ، لجعله قسيماً للسؤر كما لا يخفي .
إذا عرفت هذا يظهر لك أنّ إطلاق السؤر علىٰ ما باشره جسم الحيوان غير منفي من الأخبار وكلام الأصحاب ، ( غاية الأمر أنّ الأخبار الصحيحة لا تخلو دلالتها علىٰ ذلك من نظر ، إلّا أنّ نفيها من الأخبار وكلام الأصحاب ) (٢) مطلقاً محل نظر ، كيف وظاهر الشيخ هنا في (٣) نقل الخبر الثاني العمل به ، ودلالته من ظاهره غير خفية .
وممّا يدل أيضاً علىٰ ما قلناه ـ من أنّ ظاهر الخبر في إرادة المرأة من الجنب ـ ما رواه الكليني بسند معتبر ، ومتنه هكذا : قال : سألته عن سؤر الحائض ، قال : « لا تتوضّأ منه وتوضّأ من سؤر الجنب ، إذا كانت مأمونة وتغسل يدها » (٤) . إلىٰ آخر الحديث الثاني .
ومخالفة الحديث لما رواه الشيخ ظاهرة في الحائض (٥) ، إلّا أن التعليل (٦)
__________________
(١) حكاه عنه في معالم الفقه : ١٤٧ .
(٢) ما بين القوسين ساقط من « د » .
(٣) في « فض » : وفي .
(٤) الكافي ٣ : ١٠ / ٢ ، الوسائل ١ : ٢٣٤ أبواب الأسْآر ب ٧ ح ١ .
(٥) في « فض » زيادة : والجنب .
(٦) في « رض » زيادة : الأوّل .
ربما يستفاد منه ما يعم الحائض والجنب غير المرأة . وفي البين كلام ، إلّا أنّ الغرض كون المقام غير محرّر ( في كلام الأعلام ) (١) .
وأمّا كلام الشيخ فالعنوان ظاهر القصور ، بل الأولىٰ أن يقول : باب استعمال فضل الحائض والجنب وسؤرهما في الوضوء ، كما ذكره شيخنا ـ قدسسره ـ : وإن كان فيه نوع تأمّل ، من حيث إنّه بناه علىٰ مغايرة السؤر للفضلة ، وهو يضرّ بالحال عنده في الخبر الدال علىٰ فضلة الكلب ؛ فإنّه إنّما يعتبر التعفير في الولوغ ، وهو ما باشره بفمه ، كما ينبّه عليه إن شاء الله تعالىٰ (٢) .
قوله ـ رحمهالله ـ :
فأمّا ما رواه علي بن الحسن ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان ابن يحيىٰ ، عن منصور بن حازم ، عن عنبسة بن مصعب ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « سؤر الحائض يُشرب منه ولا يُتوضّأ » .
وعنه ، عن معاوية بن حكيم ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، في الحائض : « يُشرب من سؤرها ولا يتوضّأ منه » .
عنه ، عن علي بن أسباط ، عن عمه يعقوب بن سالم الأحمر (٣) ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سألته هل يتوضّأ من فضل (٤) الحائض ؟ قال : « لا » .
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من « د » .
(٢) يأتي في ص ١٦٥ .
(٣) في الاستبصار ١٧ / ٣٤ زيادة : عن أبي بصير .
(٤) في الاستبصار ١٧ / ٣٤ زيادة : وضوء .
فالوجه في هذه الأخبار ما فصّل في الأخبار الأوّلة ، وهو أنّه إذا لم تكن المرأة مأمونة فإنّه لا يجوز التوضّؤ بسؤرها ، ويجوز أن يكون المراد بها ضرباً من الاستحباب .
والذي يدل علىٰ ذلك : ما أخبرني به أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمّد بن الزبير ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن العباس ابن عامر ، عن حجاج الخشاب ، عن أبي هلال ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : « المرأة الطامث أشرب من فضل شرابها ولا اُحبّ أنّ أتوضّأ منه » .
السند :
أمّا الحديث الأوّل فرجاله قد تقدم فيهم الكلام (١) ، ما سوىٰ صفوان ومنصور ، وجلالتهم أظهر من أن تبيّن .
وأمّا الثاني فالضمير في « عنه » ، يرجع إلىٰ علي بن الحسن ، وحاله قد عرفته (٢) .
ومعاوية بن حكيم ، قال النجاشي : إنّه ثقة جليل في أصحاب الرضا عليهالسلام (٣) ، والكشّي ذكر : أنّه فطحي مع جماعة (٤) ، وقد سمعت القول فيه في مثل هذا (٥) .
وأمّا الحسين بن أبي العلاء ، فلم أقف علىٰ توثيقه ، إلّا أنّه نقل عن
__________________
(١) راجع ص ١٢٢ و ١٤٦ .
(٢) في ص ١٤٦ .
(٣) رجال النجاشي : ٤١٢ / ١٠٩٨ .
(٤) رجال الكشي ٢ : ٨٣٥ / ١٠٦٢ .
(٥) راجع ص ١١٠ .
السيد جمال الدين بن طاووس أنّه وثّقه في البشرىٰ ، والناقل ابن داود (١) ، وعلىٰ تقدير ثبوت النقل ، فربما كان توثيقه من قول النجاشي ، نقلا عن أحمد بن الحسين ، علىٰ ما هو ظاهر من العبارة ، فإنّه قال : وقال أحمد بن الحسين : هو مولىٰ بني عامر ، وأخواه علي وعبد الحميد ، روىٰ الجميع عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وكان الحسين أوجههم (٢) .
ولمّا كان عبد الحميد ثقة لزم أن يكون الحسين ثقة .
وفيه : أنّ كونه أوجههم لا يفهم منه التوثيق ، سيّما وأحد الأخوين ليس بثقة ، علىٰ انّ أحمد بن الحسين غير معلوم الحال ، فإنّه ابن الغضائري ، واحتمال كون الكلام من النجاشي ممكن أيضاً ، ولكن لا يفيد كونه أوجه التوثيق ، علىٰ ما أفهمه .
وأمّا علي بن أسباط ، فإنّه ثقة فطحي ، كما قاله النجاشي ، وقال : إنّه رجع (٣) . لكن لم يعلم الرواية عنه قبل الرجوع أو بعده ، فلا يؤثّر ذلك في صحّة رواياته لو سلمت من الطعن في غيره .
ويعقوب بن سالم الأحمر ، قال العلّامة في الخلاصة : إنّه ثقة (٤) : وفي كتاب ابن طاووس نقلاً عن النجاشي ذلك ، والظاهر أنّ العلّامة أخذ منه ؛ لأنّه كثير التتبع له ، لكن في النجاشي لم نجده (٥) ، فتأمّل .
__________________
(١) رجال ابن داود : ٧٩ .
(٢) رجال النجاشي : ٥٢ / ١١٧ .
(٣) رجال النجاشي : ٢٥٢ / ٦٦٣ .
(٤) خلاصة العلّامة : ١٨٦ .
(٥) يوجد في رجال النجاشي ( طبعة جماعة المدرسين ) : ٤٤٩ / ١٢١٢ . وحكاه عنه التفريشي في نقد الرجال : ٣٧٨ ، والقهبائي في مجمع الرجال ٦ : ٢٧٤ .
المتن :
ظاهر الدلالة بما يغني عن البيان ، وما حمله الشيخ ، فيه نظر ؛ لأنّ المرأة إذا لم تكن مأمونة فعدم جواز الوضوء من سؤرها غير واضح الوجه ؛ لأنّ الأصل الطهارة في الماء ما لم تعلم النجاسة ، كما تقدم في الأخبار ، وعليه (١) الأصحاب ، [ إذ ] (٢) لم ينقل التحريم علىٰ ما رأيت ، والأخبار غير صريحة في التحريم ، إذ البأس أعم منه ، إلّا أنّ الشيخ في الكتاب غير معلوم أن يريد بما يقوله الحكم ، بل مجرّد الاحتمال ، إلّا في مواضع ، كما يعلم بالتأمّل في الكتاب .
ولعلّ الاستحباب كما ذكره أولىٰ ، والحديث الدال علىٰ ذلك حال رجاله ظاهرة .
( وأبو هلال مجهول الحال ) (٣) .
وأمّا حجاج الخشاب ، فقد وثّقه النجاشي نقلا عن أبي العباس (٤) ، علىٰ وجه فيه نوع إبهام ، وقد تقدم الكلام في مثله .
والحديث الذي نقلناه عن الكافي (٥) . وأنّه معتبر الإسناد ، لا يشكل علينا الحال به في عدم التحريم ؛ لعدم معلومية القائل علىٰ تقدير (٦) صحة الحديث .
ثمّ إنّ الأخبار الدالة علىٰ التعليل بكون الحائض مأمونة ، غير سليمة
__________________
(١) في « فض » زيادة : أكثر .
(٢) في النسخ : إذا ، والظاهر ما أثبتناه .
(٣) ما بين القوسين ساقط من « فض » و « د » .
(٤) رجال النجاشي : ١٤٤ / ٢٧٣ .
(٥) راجع ص ١٥٠ .
(٦) في « فض » و « د » زيادة : تمام .
الإسناد كما علمت ، والحديث المعتبر دال علىٰ النهي عن سؤر الحائض مطلقاً ، والقول بالكراهة في الحائض مطلقاً لا يخلو من وجه ، إن لم يثبت بالأخبار الغير السليمة مثل هذا القيد .
ويمكن أن يحمل قوله عليهالسلام في الخبرين الأوّلين علىٰ الإنكار ، بمعنىٰ أنّه كيف يشرب منه ولا يتوضّأ ؟! وهذا وإن بَعُد ، ليس بأبعد من تأويلات الشيخ في كثير من المواضع ، والله تعالىٰ أعلم بحقيقة الحال .
قوله :
باب استعمال أسآر الكفار
أخبرني الشيخ ـ رحمهالله ـ قال : أخبرني جعفر بن محمّد بن قولويه ، عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن سعيد الأعرج ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن سؤر اليهودي والنصراني ، فقال : « لا » .
وبهذا الإسناد ، عن محمّد بن يعقوب ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد بن يحيىٰ ، عن أيوب بن نوح ، عن الوشاء ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه كره سؤر ولد الزنا واليهودي والنصراني والمشرك وكل من خالف الإسلام ، وكان أشّد ذلك عنده سؤر الناصب .
السند :
أمّا الحديث الأوّل : فحسن بإبراهيم بن هاشم ، وباقي رجاله ليس في توثيقهم ارتياب سوىٰ سعيد الأعرج ، فإنّ الظاهر أنّه ثقة ، غير أنّ العلّامة في
المختلف قال : إنّ سعيد الأعرج لا أعرف حاله ؛ فلا حجة في روايته لجهل عدالته (١) .
وأظنّ أنّ الاشتباه وقع للعلّامة ، من حيث إنّ النجاشي ذكر سعيد بن عبد الرحمن الأعرج ( ووثّقه (٢) ، ونقل ذلك العلّامة في الخلاصة أيضاً (٣) .
والشيخ في الفهرست قال : سعيد الأعرج له أصل (٤) . ولم يوثّقه .
والكشّي قال : سعيد الأعرج ) (٥) ونقل فيه رواية (٦) .
ولمّا كان من دأب العلّامة في المختلف سلوك سبيل الاستعجال ، كما يظهر من مراجعته ، لم يبذل الجهد في النظر إلىٰ كلام الشيخ ، فإنّه ذكر أنّ سعيد الأعرج له كتاب يرويه عنه صفوان . والنجاشي قال في سعيد بن عبد الرحمن الأعرج : إنّ كتابه يرويه عنه صفوان . والاتحاد له ظهور ، وباب الاحتمال وإن اتسع ، إلّا أنّ في مثل هذا بعيد عن الدخول فيه .
وما فعله الشيخ ، من تكرار سعيد الأعرج وسعيد بن عبد الله (٧) الأعرج في كتاب الرجال (٨) لا يؤثّر (٩) التعدّد ، كما يعلم من إفادة الشيخ ، والله تعالىٰ أعلم .
وأمّا الحديث الثاني : فليس فيه إلّا الإرسال ، وعدم توثيق الوشاء ، بل هو معدود من الممدوحين ، وما ذكره الشيخ في آخر باب الخمس من
__________________
(١) المختلف : ٦٨٥ .
(٢) رجال النجاشي : ١٨١ / ٤٧٧ .
(٣) خلاصة العلّامة : ٨٠ / ٦ .
(٤) الفهرست : ٧٧ / ٣١٣ .
(٥) ما بين القوسين ساقط من « د » .
(٦) رجال الكشّي ٢ : ٧٢٧ .
(٧) في « رض » : عبد الرحمان .
(٨) رجال الطوسي : ٢٠٤ / ٢٤ ، ولم نعثر فيه علىٰ عنوان سعيد الأعرج .
(٩) في « د » : لا يؤكّد .
التهذيب : أنّ الوشاء كان يقول بالوقف ثم رجع (١) ، يتوقف الحكم به علىٰ كونه من كلام الشيخ ، ولم يعلم ، بل احتمال كونه من ابن عقدة راوي الحديث أقرب .
واحتمال كونه من الراوي عن الوشاء بغير فصل ـ وهو محمّد بن المفضل ابن إبراهيم الذي وثّقه النجاشي (٢) ـ وإن قرب ، إلّا أنّه لا يوجب الجزم (٣) ، علىٰ أنّ توثيقه لا يخلو من شيء كما يظهر من مراجعة النجاشي ، فتأمّل .
نعم في كتاب كمال الدين حديث يدل علىٰ أنّ الوشاء كان يقول بالوقف (٤) ، ولم يحضرني الآن حاله ، لكنّي أظنّ عدم الصحة ، ولا فائدة في تحقيق الحال في هذا الحديث بعد الإرسال .
اللغة :
قال في الصحاح : السؤر ما يبقىٰ بعد الشرب (٥) ، وفي القاموس : الأسآر جمع سؤر بالهمز وهو الفضلة والبقية (٦) .
المتن :
أمّا الأوّل : فهو مروي في الكافي بطريق صحيح (٧) ، كما ذكره
__________________
(١) التهذيب ٤ : ١٥٠ .
(٢) رجال النجاشي : ٣٤٠ / ٩١١ .
(٣) في « رض » زيادة : إلّا أن يكتفى بالظهور ، وفيه ما فيه .
(٤) لم نعثر عليه في كمال الدين ، ولكنّه موجود في العيون ٢ : ٢٣١ ب ٥٥ .
(٥) الصحاح ٢ : ٦٧٥ ( سأر ) .
(٦) القاموس المحيط ٢ : ٤٤ ( سؤر ) .
(٧) الكافي ٣ : ١١ / ٥ ، الوسائل ١ : ٢٢٩ أبواب الأسآر ب ٣ ح ١ .
شيخنا ـ قدسسره ـ في فوائده علىٰ الكتاب ، وقد تقدم منّا ذكر صحيح علي بن جعفر الدال علىٰ أنّ اليهودي والنصراني إذا أدخل يده في الماء لا يتوضّأ منه إلّا أن يضطر إليه (١) ، وقد جعلها الوالد : ـ قدسسره ـ دليلاً علىٰ كراهة سؤر اليهودي والنصراني إذا قيل بطهارته ، قال ـ قدسسره ـ : والقائل بالطهارة مصرّح به (٢) .
وفي نظري القاصر : أنّه لا يخلو من غرابة ؛ لصراحة الحديث في إدخال اليد ، والحال أنّه ـ قدسسره ـ في أوّل باب السؤر ، قريباً من هذا القول ، صرّح بأنّ المبحوث عنه هو ما يكون من الماء القليل ، مع مباشرة فم الحيوان له (٣) .
ولعلّ هذا الحديث علىٰ تقدير القول بنجاسة أهل الكتاب يدلّ علىٰ طهارة السؤر ، ويفسّر بما باشره الجسم ، لكنّي لم أقف علىٰ سوىٰ ما قاله المحقق في المعتبر عن المفيد ، إنّ له قولاً بالكراهة (٤) . ولم نعلم ما فسّر به السؤر ، واحتمال التقية فيه لا يكاد يحوم حوله التسديد ، وإن ذكره الأصحاب ـ غير القائلين بالطهارة ـ في الجواب .
فإن قلت : لا بُعد في الحمل علىٰ التقية من حيث الإشعار في الجواب بإرادة التنزّه عنهم من دون الضرورة .
قلت : سياق الحديث لا يوافق علىٰ هذا .
وقد يمكن توجيه ما ذكرت للضرورة ، حيث قد ادّعىٰ بعض الإجماع
__________________
(١) في ص ١٤٩ .
(٢) معالم الفقه : ١٤٩ .
(٣) معالم الفقه : ١٤٧ .
(٤) المعتبر ١ : ٩٦ .
علىٰ النجاسة (١) ، وإن كان في هذه الدعوىٰ كلام يظهر من ملاحظة الإجماع المدّعىٰ في كلام المتأخّرين من الأصحاب ، لا سيّما في مثل هذا الحكم ، كما يعلم من المعتبر (٢) .
إذا عرفت هذا : فالحديث الثاني لا يخلو دلالته علىٰ مطلوب الشيخ من نظر ؛ لأنّه كثيراً ما يستدل علىٰ كراهة بعض الأشياء بالأخبار الوارد فيها هذا اللفظ ، وينبّه [ عليه ] (٣) التصريح في الخبر الذي يستدل به ، وفيما نحن فيه كذلك ، فإن كراهة سؤر ولد الزنىٰ يقتضي مساواة غيره ممّا ذكر معه ، فإنّ أراد ( أن يعدل ) (٤) عن معنىٰ الكراهة إلىٰ التحريم بقرينة ما ذكر معه ، فكان الأولىٰ أن ينبّه عليه .
علىٰ أنّ عدم ذكر ولد الزنىٰ في العنوان إن كان لأنّه داخل في الكفار كما ينقل عن البعض ـ كالسيّد المرتضىٰ (٥) ، وابن إدريس (٦) ـ فالشيخ أيضاً قائل به إن اعتمد علىٰ قوله في الكتاب ، وإن كان لغير ذلك لا يوافق مطلوبه .
وقد ذكر العلّامة في المنتهىٰ هذه الرواية في الاحتجاج للقول بكفره ، موجّهاً له بوجه لا يخلو من تكلّف ، وأجاب بأنّ الرواية مرسلة ، سلّمنا ، لكن قول الراوي : كره ، ليس إشارة إلىٰ النهي ، بل الكراهة التي في مقابلة الإرادة ، وقد يطلق علىٰ ما هو أعم من المحرّم والمكروه ، سلّمنا : لكن
__________________
(١) الانتصار : ١٠ .
(٢) المعتبر ١ : ٩٦ .
(٣) في النسخ : علىٰ ، والظاهر ما أثبتناه .
(٤) في « ض » و « فض » : انّا نعدل .
(٥) رسائل الشريف المرتضىٰ ١ : ٤٠٠ .
(٦) السرائر ١ : ٣٥٧ و ٢ : ١٢٢ .
الكراهة قد تطلق علىٰ النهي المطلق (١) .
ولعلّ هذا الجواب له نوع وجه ، وبه يندفع عن الشيخ بعض الإشكال ، فليتأمّل في حقيقة الحال .
قوله :
فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال ، عن عمرو بن سعيد المدائني ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار الساباطي (٢) عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن الرجل هل يتوضّأ من كوز أو من إناء غيره إذا شرب علىٰ أنّه يهودي ، فقال : « نعم » فقلت : من ذلك الماء الذي يشرب منه ، قال : « نعم » .
فالوجه في هذا الخبر أن نحمله علىٰ من يُظنّ أنّه كافر ولا يُعرف علىٰ التحقيق ، فإنّه لا يحكم له بالنجاسة إلّا مع العلم بحاله ، ولا يعمل فيه علىٰ غلبة الظنّ ، أو يحمل علىٰ من كان يهودياً فأسلم ، فإنّه لا بأس باستعمال سؤره ، ويكون حكم النجاسة زائلاً عنه .
السند :
معدود من الموثّق ؛ لأنّ الطريق إلىٰ سعد : الشيخ المفيد ، عن جعفر ابن محمّد بن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله .
وقد عرفت القول في محمّد بن قولويه سابقاً (٣) .
__________________
(١) المنتهىٰ ١ : ٢٧ .
(٢) في الاستبصار ١ : ١٨ / ٣٨ : عمار بن موسىٰ الساباطي .
(٣) في ص ١١٤ .