الشيخ محمّد بن الحسن بن الشّهيد الثّاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-173-7
ISBN الدورة:
الصفحات: ٥١٨
قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام أيجوز للرجل أن يمسح قدميه بفضل رأسه ؟ فقال برأسه : لا ، فقلت : أبماء جديد ؟ فقال برأسه : نعم .
وما رواه الحسين بن سعيد ، عن حماد ، عن شعيب ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن مسح الرأس ، قلت : أمسح بما في يدي من الندىٰ رأسي ؟ فقال : « لا ، بل تضع يدك في الماء ثم تمسح » .
فالوجه في هذين الخبرين أن نحملهما علىٰ ضرب من التقية ، لأنّهما موافقان لمذاهب (١) العامة ، ويحتمل أن يكون المراد بهما إذا جفّت أعضاء الطهارة بتفريط من جهته ، فيحتاج ( إلىٰ تجديد ) (٢) غسلها فيأخذ ماءً جديداً ويكون الأخذ لها أخذاً للمسح حسب ما تضمّنه الخبر الأوّل .
وأمّا الخبر الثاني فيحتمل أن يكون المراد بقوله : « بل تضع يدك في الماء » إنّما أراد به الماء الذي بقي في لحيته أو حاجبيه وليس فيه أنّ يضع يده في الماء الذي في الإناء أو غيره ، فإذا احتمل ذلك لم يعارض ما قدمناه من الأخبار (٣) .
والذي يدل علىٰ التأويل الذي ذكرناه : ما أخبرني به الشيخ ـ رحمهالله ـ عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن موسىٰ بن جعفر ابن وهب ، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن خلف بن حمّاد ، عمّن أخبره ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قلت له : الرجل ينسىٰ مسح
__________________
(١) في الاستبصار ١ : ٥٩ / ١٧٤ زيادة : كثير من .
(٢) في الاستبصار ١ : ٥٩ / ١٧٤ : أنّ يجدد .
(٣) في ص ٣٩٨ .
رأسه وهو في الصلاة ، قال : « إن كان في لحيته بلل فليمسح به » قلت : فإن لم يكن له لحية ؟ قال : « يمسح من حاجبيه أو من أشفار عينيه » .
السند :
في الأوّل ليس فيه ارتياب ، وفي الثاني أبو بصير وهو معلوم بما قدمناه (١) ، وفي الثالث موسىٰ بن جعفر مهمل في الرجال (٢) ، وخلف ابن حماد ثقة كما في النجاشي (٣) ، وقول ابن الغضائري فيه غير مسموع .
المتن :
في الخبر الأوّل ظاهر في السؤال عن مسح القدمين ، وأهل الخلاف لا يقولون بالمسح فالحمل علىٰ التقية قد ينكر ، وجوابه أنّ بعضهم نقل شيخنا ـ أيّده الله ـ عنه (٤) القول بالمسح بماء جديد . أمّا الحمل علىٰ أنّ في زعمهم الفاسد أنّ الغَسل يسمىٰ مسحاً علىٰ بعض الوجوه . ففي غاية البعد .
نعم قد يشكل الحمل الأوّل بما إذا لم يكن المذهب مشهوراً ، وقول الشيخ : إنّهما موافقان لمذاهب العامة . لا يناسبه أيضاً ، وفي نسخة لمذاهب كثير من العامة (٥) .
ثم إنّ الخبرين الأوّلين وإنّ لم يدلّا علىٰ عدم جواز الاستئناف صريحاً
__________________
(١) في ص ٧٣ ـ ٨٤ .
(٢) رجال النجاشي : ٤٠٦ / ١٠٧٦ ، ورجال ابن داود : ١٩٣ / ١٦١٢ .
(٣) رجال النجاشي : ١٥٢ / ٣٩٩ .
(٤) في « فض » زيادة : في المح . وهو رمز مختصر الوسيط للميرزا محمّد بن علي بن إبراهيم الاسترآبادي ، ولم يوجد لدينا .
(٥) الاستبصار ١ : ٥٩ / ١٧٤ .
ليحتاج الشيخ إلىٰ الجمع كما أورده عليه شيخنا ـ قدسسره ـ (١) وشيخنا المحقق ميرزا محمّد ـ أيّده الله ـ أيضاً ، إلّا أنّه ربما يقال ما قدّمناه من أنّ حكاية وضوء رسول الله صلىاللهعليهوآله تقتضي إرادة وضوئه دائماً (٢) .
ولئن اعترض بمنع ذلك أوّلاً ، واحتمال مواظبته علىٰ الراجح وهو المسح بالبلل ، أمكن أن يقال : إنّ ظاهر الخبرين رجحان استئناف الماء ، والقائل عندنا بجواز الاستئناف ابن الجنيد ، وهو يخص ذلك بما إذا لم يبق مع المتوضّئ نداوة ، كما حكاه في المختلف (٣) ، بل ظاهر الشيخ هنا القول بما يناسبه إن تم كونه قولاً للشيخ ـ رحمهالله ـ وحينئذٍ فالخبران مخالفان للإجماع ، مضافاً إلىٰ أنّ كمال المسح بالبقية لا ريب فيه عند الأصحاب (٤) ، والخبران دالّان علىٰ خلاف ذلك .
نعم علىٰ هذا التقدير ليست المنافاة للخبرين الأولين ، كما هي عادة الشيخ في الكتاب .
وما قد يستفاد من كلام زرارة : من أنّه لم يعدهما في الإناء الدال علىٰ عدم الاستئناف . فيه أنّ حكاية زرارة لا تفيد إلّا ما شاهده ، وهو لا يدلّ علىٰ المطلوب ، اللّهم إلّا أن يقال : إنّه فهم ذلك من الإمام بالفحوىٰ ، وفيه ما لا يخفىٰ ، ولعل ما قلناه أوّلاً في الجواب أولىٰ .
وما ذكره الشيخ في توجيه الخبرين فما يتوجه عليه أظهر من أن نبيّن :
__________________
(١) مدارك الأحكام ١ : ٢١٢ .
(٢) في ص ٣٩٩ .
(٣) المختلف ١ : ١٢٨ .
(٤) منهم المحقق في المعتبر ١ : ١٤٦ ، والعلّامة في المختلف ١ : ١٢٩ ، وصاحب المدارك ١ : ٢١٢ .
أمّا أوّلاً : فلأنّ الخبر الأوّل تضمّن أنّه عليهالسلام قال برأسه : لا ، لمّا سأله عن مسح القدمين بفضل الرأس ، وأين هذا من الجفاف ؟ .
وقوله : فقلت أبماءٍ جديد . إذا تعلق بالجفاف لم يبق له تعلق بالسؤال الأوّل ، ومثل هذا لا يليق ذكره .
وأمّا ثانياً : فما ذكره في الخبر الثاني من أنّ المراد أن يضع يده في الماء [ الذي بقي في لحيته أو حاجبيه ] (١) لا يعتريه شوب الريب في أنّ المراد به الاستئناف ، وإرادة غيره لا تفهم منه ، وضرورة الجمع لا تبيح مثل هذا إذا أمكن غيره .
وأمّا ثالثاً : فلأن الخبر الذي استدل به لا دخل له بمراده ، ولئن سلّم دلالته علىٰ جواز المسح بالبقية لا يتم الدلالة علىٰ الأكملية كما هو مفاد الخبرين ، ولو سلّم ذلك فالخبر لا يخلو ظاهره من إشكال ؛ لأنّ مسح الرأس إذا نسيه الإنسان بطلت الصلاة ، وظاهر النص عدمه ، ولئن وجّه بإرادة استئناف الصلاة اُشكل بأنّه لا بُدّ من مسح الرّجلين أيضاً ، ولو سلّم إرادة ذلك اُشكل باشتراط عدم جفاف الأعضاء أو العضو ، وبلل اللحية إذا لم تكن داخلة في الوجه محل كلام ، غير أنّ تسديد هذا ممكن .
وفي فوائد شيخنا المحقق ـ سلّمه الله تعالىٰ ـ علىٰ الكتاب : أنّ المراد نسي فلا يدري مسح أو لا ، وإلّا استأنف الصلاة وقيل : الظاهر استأنف الوضوء . فتدبّر .
ومن لطيف التوجيهات في حديث معمر احتمال أن يكون قول الإمام عليهالسلام برأسه : « لا » نهياً عن سؤال معمر خوفاً من غير المأمون في
__________________
(١) ما بين المعقوفين أضفناه من الاستبصار ١ : ٥٩ لاستقامة المتن .
المجلس ، فظن معمر خلاف ذلك ، ولمّا أعاد السؤال وتنبه الحاضرون أمره عليهالسلام بما ذكر ، فالتقية ليست إلّا في الماء الجديد ، فليتأمّل في ذلك من حيث إنّه لا يدفع جميع الشبهات عن الخبر .
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الاستدلال في كلام من رأينا كلامه لعدم جواز الاستئناف لا يخلو من قصور ، غير أنّ شيخنا ـ قدسسره ـ وجّه الاستدلال بصحيح زرارة علىٰ اعتقاده ، وإلّا فهو حسن بإبراهيم بن هاشم علىٰ ما رأيته في زيادات التهذيب من كتاب الطهارة ، حيث قال فيه : « وتمسح ببلّة يمناك ناصيتك » (١) قال : والجملة الخبرية فيه بمعنىٰ الأمر وهو للوجوب (٢) .
وتنظّر فيه في الحبل المتين (٣) من حيث إنّ الخبر يجوز فيه العطف علىٰ قوله : « فقد يجزيك » إذ في أول الرواية : « إنّ الله وتر يحب الوتر فقد يجزيك من الوضوء ثلاث غرفات : واحدة للوجه واثنتان للذراعين وتمسح ببلّة يمناك » الحديث .
والاعتراض في محله ، غير أنّه ذكر في آخر الكلام أنّ ما ذكره بعض الأصحاب من أنّ أولوية مسح القدم اليمنىٰ باليمنىٰ واليسرىٰ باليسرىٰ غير ظاهر . محل كلام ، لأنّ أوّل الحديث يدل علىٰ الرجحان في جميع ما ذكر فيه ، إلّا أن يقال ما لا يخلو من تكلّف ، وأوّل الخبر : « إنّ الله وتر يحب الوتر فقد يجزيك من الوضوء ثلاث غرفات واحدة للوجه واثنتان للذراع وتمسح » إلىٰ آخره . فليتأمّل .
وما قد يقال : من أنّ الأولىٰ الاستدلال بحديث المعراج الذي رواه
__________________
(١) التهذيب ١ : ٣٦٠ / ١٠٨٣ ، الوسائل ١ : ٤٣٦ أبواب الوضوء ب ٣١ ح ٢ .
(٢) مدارك الأحكام ١ : ٢١١ .
(٣) الحبل المتين : ١٧ .
محمّد بن يعقوب في الحسن وقد تضمّن تعليم الوضوء وأمره عليهالسلام بمسح الرأس بالبقية (١) . ففيه : أنّ التأسّي لا يجب إلّا فيما يعلم وجهه ، وإذا علم زال الإشكال ، فلا تغفل .
قال :
باب كيفية المسح علىٰ الرأس والرجلين
أخبرني الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن يحيىٰ (٢) ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « مسح الرأس علىٰ مقدّمه » .
وأخبرني الشيخ ـ رحمهالله ـ قال : أخبرني جعفر بن محمّد بن قولويه ، عن محمّد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن شاذان بن الخليل النيشابوري ، عن معمر بن عمر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « يجزئ من مسح الرأس موضع ثلاث أصابع ، وكذلك الرِّجل » .
وأخبرني الشيخ ـ رحمهالله ـ عن أبي القاسم جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسىٰ ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن حماد بن عيسىٰ ، عن بعض أصحابه ، عن أحدهما عليهماالسلام في الرجل يتوضّأ وعليه العمامة قال : « يرفع العمامة بقدر ما يدخل إصبعه فيمسح علىٰ مقدّم رأسه » .
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٨٢ / ١ ، الوسائل ١ : ٣٩٠ أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٥ .
(٢) في الاستبصار ١ : ٦٠ / ١٧٦ لا يوجد : بن يحيىٰ .
السند :
في الأول : لا يخلو من خلل بالنسبة إلى قوله : عن أحمد بن محمّد ابن يحيىٰ . فإنّ الصواب : عن محمّد بن أحمد بن يحيىٰ ، وهذا كثيراً ما يقع في كلام الشيخ ـ رحمهالله ـ بسبب العجلة ، ولولا أنّه في النسخ التي رأيناها لأمكن الإصلاح لاحتمال كونه من غير الشيخ ؛ وقد ينظر في رواية محمّد ابن أحمد عن الحسين بن سعيد بغير واسطة . ودفعه ممكن ، وما عدا هذا حاله معلوم ممّا قدمناه .
الثاني : فيه شاذان بن الخليل ، وهو مهمل في الرجال (١) ، ومعمر بن عمر كذلك (٢) .
والثالث : مرسل .
المتن :
في الأول : ظاهر في أنّ المسح علىٰ مقدّم الرأس ، ولم ينقل خلاف في ذلك ، وفي الثاني : دلالة علىٰ إجزاء مسح الرأس موضع ثلاث أصابع ، والثالث : لا ينافيه لأنّ الإصبع إذا مسحت عرضاً تحقق مقدار الثلاث ، إلّا أنّ الخبرين كما ترىٰ غير سليمين .
وما قد يقال : إنّ خبر معمر تضمّن الإجزاء لا أنّه أقل ما يجزئ .
__________________
(١) رجال الطوسي : ٤٠٢ / ١ ، منهج المقال : ١٧٨ ، ولكن ظاهر قول الكشي في ترجمة محمّد بن سنان أنّه من العدول والثقات من أهل العلم ، وظاهر قول النجاشي في ترجمة ابنه الفضل بن شاذان أنّه كان ثقة ، وعدّ العلّامة إيّاه في القسم الأوّل يكشف عن اعتماده عليه . رجال الكشي ٢ : ٧٩٦ / ٩٧٩ ، رجال النجاشي : ٣٠٦ / ٨٤٠ ، خلاصة العلّامة : ٨٧ / ٣ .
(٢) رجال الطوسي : ٣١٦ / ٥٧٥ ، منهج المقال : ٣٣٩ .
ففيه : أنّه لو أجزأ الأقل من ذلك لما ناسب لفظ الإجزاء ، إلّا أن يقال : إنّ الإجزاء بالنسبة إلىٰ اعتبار الثلاث أصابع آلة ، كما هو مختار ابن بابويه في الفقيه حيث قال : وحدّ مسح الرأس أن يمسح بثلاث أصابع مضمومة (١) . ولم أقف علىٰ ما يصلح دليلاً له .
وفي الحبل المتين نقل خبراً صحيحاً لزرارة قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : « المرأة يجزيها من مسح الرأس أن تمسح مقدّمه مقدار ثلاث أصابع ولا تلقي عنها خمارها » (٢) .
ثم قال : ويمكن أن يستدل به للشيخ في النهاية وابن بابويه من وجوب المسح بثلاث أصابع وعدم إجزاء الأقل مع الاختيار ، ويؤيّده رواية معمر وذكر الرواية المبحوث عنها (٣) .
وفي نظري القاصر أنّه لا يخلو من غرابة ، لأنّ مضمون الخبرين موضع ومقدار ، وأين هذا من عبارة المقيّد كما لا يخفىٰ .
وفي الكتاب أيضاً : ويمكن حملها علىٰ الاستحباب ، عملاً بالمشهور بين الأصحاب المعتضد بالأخبار الصحيحة الصريحة (٤) .
وقد يقال : إنّ الأخبار الصحيحة لا تزيد عن كونها مطلقة والمقيّد موجود . وهو الخبر المذكور عن زرارة ، واختصاصه بالمرأة لا قائل به علىٰ ما رأيت ، والإجزاء المذكورة فيه بالنسبة إلىٰ عدم إلقاء الخمار ، والشهرة بين الأصحاب محل كلام بعد وجود الخلاف .
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٨ .
(٢) الوسائل ١ : ٤١٦ أبواب الوضوء ب ٢٤ ح ٣ .
(٣) الحبل المتين : ١٥ ، ١٦ .
(٤) الحبل المتين : ١٦ .
وقد سبق إلىٰ الاستدلال للشيخ شيخنا ـ قدسسره ـ بصحيح زرارة ، موجّهاً بأنّ الإجزاء يستعمل في أقلّ الواجب (١) ؛ ومراده أنّه لم يبق أكثر الواجب إلّا المسح بثلاث أصابع ، وفيه ما قدمناه من احتمال الإجزاء بالنسبة إلىٰ إلقاء الخمار ، هذا .
والذي وقفت عليه من خبر زرارة يرويه (٢) إبراهيم بن هاشم ، علىٰ ما في التهذيب (٣) ، فإمّا أن يكون من غير التهذيب ، أو اعتماد من صَحّحه علىٰ توثيق إبراهيم ، إلّا أنّ العادات مضطربة بالنظر إلىٰ الناقلين ، وهم أعلم بالحال .
قال :
فأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن ظريف بن ناصح ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن عبد الله بن يحيىٰ ، عن الحسين بن عبد الله قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يمسح رأسه من خلفه وعليه عمامة بإصبعه أيجزيه ذلك ؟ فقال : « نعم » .
فلا ينافي ما قدّمناه من أنّه ينبغي أن يكون المسح بمقدّم الرأس ، لأنّه ليس يمتنع أن يدخل الإنسان إصبعه من خلفه ومع ذلك فيمسح بها مقدّم الرأس ، ويحتمل أن يكون الخبر خرج مخرج التقيّة ، لأنّ ذلك مذهب بعض العامة .
__________________
(١) مدارك الأحكام ١ : ٢٠٨ ، ٢٠٩ .
(٢) في « رض » : برواية .
(٣) التهذيب ١ : ٧٧ / ١٩٥ .
السند :
فيه جهالة الحسين بن عبد الله ، لاشتراكه بين مهملين في الرجال (١) .
أمّا ثعلبة بن ميمون فهو ممدوح في غير الكشي (٢) ، وفيه نقلاً عن حمدويه عن محمّد بن عيسىٰ : أنّه ثقة (٣) .
وعبد الله بن يحيىٰ أظنّه الكاهلي وهو معدود من الممدوحين .
المتن :
ما ذكره الشيخ فيه لا يخلو من وجه لو تمّ عند بعض أهل الخلاف المسح بإصبع ، والشيخ أعلم بذلك ، ولعلّ الثاني أقرب من الحمل الأوّل علىٰ هذا التقدير ، وفي صحاح أخبارهم : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أدخل يده في التور فمسح رأسه فأقبل بها وأدبر (٤) . قال ابن الأثير في شرح الحديث : من الناس من قال يبدأ بمؤخّر رأسه ويمرّ إلىٰ جهة الوجه ثم يرجع إلىٰ المؤخّر .
قال :
فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن الحسين ابن أبي العلاء قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن المسح علىٰ الرأس
__________________
(١) رجال الطوسي : ١٦٩ / ٦٠ ، ١٧١ / ٩٤ ، وهداية المحدثين : ١٩٤ .
(٢) رجال النجاشي : ١١٧ / ٣٠٢ ، خلاصة العلّامة : ٣٠ / ١ .
(٣) رجال الكشي ٢ : ٧١١ / ٧٧٦ .
(٤) صحيح البخاري ١ : ٥٨ ، سنن أبي داود ١ : ٢٩ / ١١٧ .
فقال : « كأنّي أنظر إلىٰ عكنة في قفاء أبي يمرّ عليها يده » وسألته عن الوضوء يمسح الرأس مقدّمه ومؤخّره قال : « كأنّي أنظر إلىٰ عكنة في رقبة أبي يمسح عليها » .
فالوجه في هذا الخبر ما ذكرناه أخيراً من حمله علىٰ التقية ، لا غير .
وأمّا ما رواه سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسىٰ ، رفعه إلىٰ أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في مسح القدمين ومسح الرأس فقال : « مسح الرأس واحدة من مقدّم الرأس ومؤخّره ، ومسح القدمين ظاهرهما وباطنهما » .
فالوجه في هذا الخبر أيضاً التقية ؛ لأنّ في الفقهاء من يقول بمسح الرِّجلين ويقول مع ذلك باستيعاب العضو ظاهراً وباطناً ، ويحتمل أن يكون أراد ظاهرهما وباطنهما يعني (١) مقبلاً ومدبراً علىٰ ما بيّنّا القول فيه .
السند :
في الأوّل حسن علىٰ ما أظنّ ، وقد تقدم الوجه فيه ؛ وفي الثاني حاله غير خفية .
المتن :
في الخبرين ظاهر في التقية كما أشرنا إليه من كلام بعض أهل
__________________
(١) في الاستبصار ١ : ٦١ / ١٨١ : أعني .
الخلاف (١) .
وما ذكره الشيخ في الثاني من الاحتمال لا وجه له ، سيّما بعد تضمّن (٢) الخبر مسح الرأس من مقدّمة ومؤخّره .
ولا يخفىٰ ما في قوله عليهالسلام ، « كأنّي أنظر » إلىٰ آخره من اللطف في العبارة المندفع به شرّ المخالفين مع الصدق في إطلاق مسح العكنة ، إذ لا ينحصر في الوضوء ، كما يعرف بالتأمّل في سياق الكلام .
اللغة :
العُكنة : الطيّ الذي في البطن ، وجمعه عكن وأعكان (٣) .
قال :
باب مقدار ما يمسح من الرأس والرِّجلين
أخبرني الشيخ ـ رحمهالله ـ عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسىٰ ، عن الحسين بن سعيد وأبيه محمّد ابن عيسىٰ ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن عمر بن اُذينة ، عن زرارة وبكير ابني أعين ، عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : « في المسح تمسح علىٰ النعلين ، ولا تدخل يدك تحت الشراك ، وإذا مسحت بشيء من رأسك أو بشيء من قدميك ما بين كعبك إلىٰ أطراف الأصابع فقد أجزأك » .
__________________
(١) المتقدم في ص ٤١٠ .
(٢) في « فض » : نصّ .
(٣) مجمع البحرين ٦ : ٢٨٢ ( عكن ) .
عنه ، عن أبي القاسم جعفر بن محمّد ، عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيىٰ ، عن أحمد بن محمّد ، عن شاذان بن الخليل النيشابوري ، عن يونس ، عن حماد ، عن الحسين قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : رجل توضّأ وهو معتمّ وثقل عليه نزع العمامة لمكان البرد ، فقال : « ليدخل إصبعه » .
السند :
في الأوّل واضح ، ولفظ أبيه عطف علىٰ الحسين ابن سعيد ، وقد قدمنا كلاماً في قطع الشيخ متن هذا الحديث وجعل لكل حكم سنداً .
وفي الثاني شاذان بن الخليل ، وقد تقدم القول فيه (١) ؛ والحسين المذكور علىٰ ما يظهر أنّه الحسين بن المختار ، لأنّ الراوي عنه حمّاد علىٰ ما في الفهرست والنجاشي (٢) ؛ وحماد هو ابن عيسىٰ (٣) ( لأنّ الراوي عنه في الفهرست (٤) الحسين بن سعيد ) (٥) ، والحسين المذكور واقفي ، ووجدت في التهذيب روايةً للشيخ مصرحة بالحسين بن المختار والراوي عنه حماد (٦) ، وقد يحتمل أن يكون الحسين بن عبد الله السابق في الأخبار القريبة العهد ، وعلىٰ كل حال الحديث غير صحيح .
__________________
(١) في ص ٤٠٧ .
(٢) الفهرست : ٥٥ / ٢٩٥ ، رجال النجاشي : ٥٤ / ١٢٣ .
(٣) في رض : عثمان .
(٤) الموجود في الفهرست : ٥٥ / ١٩٥ رواية الحسن بن سعيد عن حماد عن الحسين ابن المختار .
(٥) كذا في النسخ ، ولعل الأنسب هكذا : لأنّه الراوي عن الحسين بن المختار .
(٦) التهذيب ١ : ٨٧ / ٢٢٩ ، الوسائل ١ : ٢١٤ أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ١٢ .
المتن :
ظاهر قوله : « ولا تدخل يدك تحت الشراك » عدم مسح ما تحته ، فإمّا أن يكتفىٰ بإيصال المسح إليه ، أو يتجاوز عنه إلىٰ الكعبين ، فهو مجمل ، وربما دل قوله : « أو بشيء من قدميك ما بين كعبك إلىٰ أطراف الأصابع فقد أجزأك » علىٰ عدم وجوب الإيصال إلىٰ الكعبين ، ولا البدأة من الأصابع ، والظاهر منه أيضاً عدم وجوب إدخال الكعبين ، كما ذهب إليه بعض (١) .
والعلّامة في المنتهىٰ ذهب إلىٰ الوجوب ، مجيباً عن الحديث بأنّ مثل ذلك قد يستعمل فيما يدخل فيه المبدأ ، كقولك : له عندي ما بين واحد إلىٰ عشرة (٢) .
وفيه نظر واضح ؛ لأنّ العرف في مثل هذا دالّ عليه ، دون ما نحن فيه ؛ وما تضمّنه من الاكتفاء بمسح شيء من الرأس لا يأبىٰ حمله علىٰ المقيّد وقد سبق فيه القول .
ثم إنّ الاكتفاء بالمسمّىٰ في الرِّجلين ادّعىٰ عليه الإجماع المحقق في المعتبر (٣) ، كما حكاه شيخنا ـ قدسسره ـ واستدل عليه أيضاً بإطلاق الأخبار مثل المبحوث عنه وغيره .
قال شيخنا ـ قدسسره ـ : ولولا ذلك لأمكن القول بوجوب المسح بالكفّ كلّها ؛ لصحيحة أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، فإنّ المقيد يحكّم علىٰ المطلق (٤) . وسيأتي إن شاء الله الرواية .
__________________
(١) المحقق في المعتبر ١ : ١٥٢ .
(٢) كالمنتهىٰ ١ : ٦٤ ، ٦٥ .
(٣) المعتبر ١ : ١٥٠ .
(٤) مدارك الأحكام ١ : ٢٢١ .
وما ذكره من حمل المطلق علىٰ المقيد يتوجه عليه في الرأس مع ذهابه إلىٰ المسمّىٰ ، ولا إجماع هناك .
ثم ما نقله عن المحقق من الإجماع علىٰ الإجتزاء بالمسمّىٰ ولو بإصبع واحدة قد ذكر المحقق بعده ما حاصله : أنّ المسح علىٰ القدم هل هو كالرأس أو يجب إيصاله إلىٰ الكعبين ؟ وجهان ملتفتان إلىٰ أنّ التحديد في الرِّجلين للممسوح أو للمسح (١) ؟ .
والعلّامة في المختلف اتّفق له الاستدلال علىٰ البدأة بالأصابع بالآية ، قال : وموضوع ( إلىٰ ) الغاية ولا خلاف في أنّ الأمر هنا للوجوب (٢) . وهو غريب بعد احتمال ما ذكره المحقق في الآية .
واستدل أيضاً بخبر بكير وزرارة السابق في حكاية وضوء رسول الله صلىاللهعليهوآله حيث قال : ثم مسح رأسه وقدميه إلىٰ الكعبين ، وقد عرفت حال سند الحديث ، واستدل أيضاً بصحيح أحمد بن محمّد ابن أبي نصر الآتي ، وستسمع القول فيه بما ينافي الاستدلال .
وأمّا الخبر الثاني المبحوث عنه فقد تقدم القول في مسح الرأس بما فيه كفاية ، مضافاً إلىٰ ضعف الرواية .
قال :
فأمّا ما رواه محمّد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر (٣) ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال :
__________________
(١) المعتبر ١ : ١٥٢ .
(٢) المختلف ١ : ١٢٧ .
(٣) في الاستبصار ١ : ٦٢ / ١٨٤ : عن أحمد بن محمّد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر .
سألته عن المسح علىٰ القدمين كيف هو ؟ فوضع كفّه علىٰ الأصابع فمسحها إلىٰ الكعبين إلى ظاهر القدم ، فقلت : جعلت فداك لو أنّ رجلاً قال بإصبعين من أصابعه (١) ؟ فقال : « لا إلّا بكفّه » (٢) فمحمول علىٰ الفضل والاستحباب دون الفرض والإيجاب .
السند :
لا يخلو من خلل ، لأنّ الصواب عن أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، كما في الكافي والتهذيب (٣) .
المتن :
ظاهره تعيّن المسح المذكور فيه ، لكن الإجماع قد سمعت نقله ، غاية الأمر أنّ الإجماع علىٰ المسمّىٰ ، أمّا علىٰ عدم الإيصال إلىٰ الكعب ولو بإصبع فغير معلوم ، بل ظاهر ما نقلناه عن المحقق من الوجهين يعطي عدم الإجماع (٤) .
فما ذكره الشيخ : من أنّ الحديث محمول علىٰ الاستحباب . يحتاج إلىٰ تفصيل ، وقدّمنا احتجاج العلّامة به في المختلف علىٰ الابتداء من الأصابع ، مع أنّه محمول علىٰ الاستحباب عند الأصحاب (٥) ، حتىٰ العلّامة
__________________
(١) في الاستبصار ١ : ٦٢ / ١٨٤ يوجد : ألا يكفيه .
(٢) الاستبصار ١ : ٦٢ / ١٨٤ في « ب » : إلّا بكفيه .
(٣) الكافي ٣ : ٣٠ / ٦ ، التهذيب ١ : ٩١ / ٢٤٣ ، الوسائل ١ : ٤١٧ أبواب الوضوء ب ٢٤ ح ٤ .
(٤) المتقدم في ص ٤١٥ .
(٥) انظر المختلف ١ : ١٢٣ .
صرّح به في المنتهىٰ قائلاً : إنّ قوله : « لا إلّا بكفّه » من قبيل لا صلاة لجار المسجد إلّا فيه (١) ، كما ذكره الشيخ في التهذيب (٢) ، وأنت خبير بأنّ الاستحباب ينافي الاستدلال .
وفي نظري القاصر أنّ العلّامة كأنّه احتمل أن يقال : إنّ الإجماع علىٰ المسمّىٰ يقتضي حمل المسح بالكفّ علىٰ الاستحباب ، لا أنّ البدأة بالأصابع كذلك .
وفيه أولاً : أنّ ما قدّمه (٣) من الأخبار في الاستدلال مع الآية لا يدلّ علىٰ البدأة من الأصابع ، أمّا الآية فظاهرة ، وأمّا خبر زرارة وبكير فإنما يدل علىٰ أنّه مسح قدميه إلىٰ الكعبين ، أمّا البدأة فغير معلومة ، نعم لا يبعد أن يقال : إنّ الظاهر ذلك ، لكن الحديث لا يصلح للاستدلال .
وأمّا ثانياً : فلأنّ خبر أحمد بن محمّد بن أبي نصر إذا حمل علىٰ الاستحباب لم يبق فيه دلالة علىٰ وجوب البدأة بالأصابع من نفسه ، والغير لم يصلح لذلك ، وخبر زرارة وبكير الصحيح في أوّل الباب يدلّ علىٰ أنّ المسح فيما بين الكعبين إلىٰ الأطراف ، وقول العلّامة في المنتهىٰ (٤) إنّما هو في الغاية ، وقد عرفت ما فيه .
نعم روىٰ الشيخ حديثاً في باب المسح علىٰ الجبائر ، لكن طريقه غير سليم ، كما سيأتي ، ومتنه : قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : عثرت فانقطع ظفري فجعلت علىٰ إصبعي مرارة فكيف أصنع بالوضوء ؟ قال : « يعرف
__________________
(١) المنتهىٰ ١ : ٦٤ .
(٢) التهذيب ١ : ٩٢ / ٢٤٤ ، الوسائل ٥ : ١٩٤ أبواب أحكام المساجد ب ٢ ح ١ .
(٣) في ص ٤١٥ .
(٤) راجع ص ٤١٢ و ٤١٤ .
هذا وأشباهه من كتاب الله عزّ وجلّ ، قال الله تعالىٰ : ( مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (١) امسح عليه » (٢) .
وهذا الخبر كما ترىٰ يدلّ علىٰ استيعاب المسح علىٰ الأصابع ، لكن الكلام في صحة السند ، وقد يمكن حمله علىٰ الاستحباب ، إلّا أنّه بعيد عن الظاهر .
وبالجملة فالمقام واسع البحث ، ولم أجد تحريره في كلام المتأخّرين ، بل إنّما أشار المحقق إلىٰ ما سبق عنه (٣) ، فينبغي عدم الغفلة عنه .
وقول السائل في الخبر المبحوث عنه : قال بإصبعين ، بمعنىٰ فعل ، كما هو واضح .
نعم يحتمل أن يراد بالكفّ ما يتناول الأصابع ، ويحتمل إرادة غيرها ، بل هو الظاهر من قوله : فوضع كفّه ، وقوله في نفي قول السائل عن الإصبعين لا يدلّ علىٰ مجموع الأصابع ، كما لا يخفىٰ ، وما تضمّنه الخبر من المسح إلىٰ ظاهر القدم واضح الدلالة علىٰ أنّ الكعب غير المفصل إلّا بتكلّف التوجيه ، فتأمّل .
قال :
فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد بن عيسىٰ ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن (٤) بن محمّد بن عمران ، عن زرعة ، عن سماعة بن مهران ، عن
__________________
(١) الحج : ٧٨ .
(٢) التهذيب ١ : ٣٦٣ / ١٠٩٧ ، الوسائل ١ : ٤٦٤ أبواب الوضوء ب ٣٩ ح ٥ .
(٣) المتقدم في ص ٤١٥ .
(٤) الاستبصار ١ : ٦٢ / ١٨٥ في « ج » : الحسين .
أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إذا توضّأت فامسح قدميك ظاهرهما وباطنهما » ثم قال : هكذا : فوضع يده علىٰ الكعب وضرب الاُخرىٰ علىٰ باطن قدمه (١) ثم مسحهما إلىٰ الأصابع .
فالوجه في هذا الخبر ما ذكرناه في الباب الذي قبل هذا من حمله علىٰ التقيّة (٢) ، لأنّه موافق لمذهب بعض العامة ممّن يرىٰ المسح علىٰ الرِّجلين ويقول باستيعاب الرِّجل ، وهو خلاف الحق ، كما بيّناه .
السند :
فيه بكر بن صالح وهو ضعيف ، والحسن بن عمران لم يعلم من أوصافه إلّا ما يفهم من الكشّي أنّه كان وصيّاً لزكريا بن آدم (٣) ، وغيرهما لا يخفىٰ حاله .
المتن :
يتعين فيه ما ذكره الشيخ علىٰ تقدير الالتفات للحديث .
قال :
والذي يدلّ علىٰ ما قلناه أيضاً :
ما رواه محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ؛ ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعاً ، عن حماد بن عيسىٰ ، عن حريز ، عن زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : ألا
__________________
(١) في الاستبصار ١ : ٦٢ / ١٨٥ : قدميه .
(٢) تقدم في ص ٤١١ .
(٣) رجال الكشي ٢ : ٨٥٨ / ١١١٤ .
تخبرني من أين علمت وقلت : إنّ المسح ببعض الرأس وبعض الرِّجلين ؟ فضحك ، ثم قال : « يا زرارة قاله رسول الله صلىاللهعليهوآله ونزل به الكتاب من الله ، لأنّ الله يقول : ( اغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) (١) فعرفنا أنّ الوجه كله ينبغي (٢) أن يغسله ، ثم قال : ( وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ) (٣) ثم فصّل بين الكلامين ، فقال ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ) فعرفنا حين قال : ( بِرُءُوسِكُمْ ) أنّ المسح ببعض الرأس لمكان الباء ، ثم وصل الرِّجلين بالرأس ، كما وصل اليدين بالوجه ، فقال : ( وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) فعرفنا حين وصلهما بالرأس أنّ المسح ببعضهما (٤) ، ثم بيّن (٥) رسول الله صلىاللهعليهوآله ذلك للناس فضيّعوه ، ثم قال : ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ) فلما وضع الوضوء عمّن لم يجد الماء أثبت مكان (٦) الغَسل مسحاً لأنّه قال : ( بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ) ثم وصل بها ( وَأَيْدِيكُم ) ثم قال : ( مِّنْهُ ) أي من ذلك التيمم ، لأنّه علم أنّ ذلك (٧) لا يجري علىٰ الوجه ، لأنّه يعلق من ذلك (٨) ببعض الكف ولا يعلق ببعضها ، ثم قال : ( مَا يُرِيدُ اللَّـهُ (٩) لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ ) والحرج : الضيق » .
__________________
(١) المائدة : ٦ .
(٢) في الاستبصار ١ : ٦٣ / ١٨٦ يوجد : له .
(٣) في الفقيه ١ : ٥٦ / ٢١٢ زيادة : فوصل اليدين إلىٰ المرفقين بالوجه فعرفنا انه ينبغي لهما ان يغسلا إلىٰ المرفقين .
(٤) الاستبصار ١ : ٦٣ / ١٨٦ في « د » : علىٰ بعضها .
(٥) في الاستبصار ١ : ٦٣ / ١٨٦ : سنّ .
(٦) في الاستبصار ١ : ٦٣ / ١٨٦ : بعض ، وفي « ج » : لبعض .
(٧) في الاستبصار ١ : ٦٣ / ١٨٦ يوجد : أجمع .
(٨) في الاستبصار ١ : ٦٣ / ١٨٦ زيادة : الصعيد .
(٩) في الاستبصار ١ : ٦٣ / ١٨٦ لا يوجد : الله . ويوجد في الدين بعد قوله : عليكم .