محمّد باقر الوحيد البهبهاني
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-170-2
ISBN الدورة:
الصفحات: ٤٣١
[ غسل الاستحاضة ]
قوله : وما ذكره المصنف من الصفات خاصة. ( ٢ : ٧ ).
فيه ما ذكرناه سابقا في الحيض (١).
قوله : وأمّا الخروج بفتور. فلم أقف له على مستند. ( ٢ : ٨ ).
مستنده حسنة حفص البختري (٢) حيث جعل فيها من خواص دم الحيض أن له دفعا ، والظاهر منها أن المرأة التي يستمر بها الدم وسئل عن حالها التي دمها دائر بين الحيض والاستحاضة ، كما لا يخفى على من أمعن النظر فيها ، مضافا إلى أن الظاهر والغالب أن التي استمر بها الدم أمرها دائر بين الحيض والاستحاضة ، مع أنّ الظاهر من كون الدفع من خواص الحيض أن غيره ليس له دفع ، والاستحاضة غير الحيض فليس له دفع ،
__________________
(١) راجع ج ١ : ٣٥٤ ـ ٣٥٥.
(٢) الكافي ٣ : ٩١ / ١ ، التهذيب ١ : ١٥١ / ٤٢٩ ، الوسائل ٢ : ٢٧٥ ، أبواب الحيض ب ٣ ح ٢.
وهو معنى الفتور ، وإن كان غير الاستحاضة أيضا يكون كذلك ، والغرض كون الفتور من خواص الاستحاضة بالنسبة إلى الحيض لا القروح والجروح ، ونظر الفقهاء في نقل الأوصاف والخواص إنما هو لتمييز الحيض عن الاستحاضة وبالعكس لا تمييزها عن القروح والجروح أيضا ، كما هو غير خفي.
قوله : وكلام الأصحاب في هذه المسألة غير منقح. ( ٢ : ٨ ).
كلامهم منقح ، كما ذكرناه في بحث الحيض (١) ، نعم ، مخالف لفهم الشارح والقاعدة التي قررها على حسب فهمه ، ومما يشير إلى فساد قاعدته أنه يظهر من الأخبار انحصار دم المرأة في الحيض والنفاس والاستحاضة إذا لم يكن من قرح أو جرح ، فلئلا حظ وليتأمّل.
ومع ذلك ، الدم الذي لا يجتمع فيه مجموع صفات الحيض ومجموع صفات الاستحاضة كثير ، فتدبر.
قوله : وهي مع صحتها صريحة في المدعى فيتعين العمل بها. ( ٢ : ١٢ ).
تقييد جميع الأخبار بما في هذا الصحيح مع ما فيها من التعليلات بعيد جدا ، بل ربما لا يمكن ، فلاحظ وتأمّل.
قوله : احتج المفيد برواية السكوني. ( ٢ : ١٢ ).
ويشهد له ما ورد في الاستبراء والعدة بحيضة ، أو حيضتين ، أو ثلاثة (٢) ، فتأمّل.
__________________
(١) راجع ج ١ : ٣٥٣ ـ ٣٥٦.
(٢) انظر الهوامش على الحاشية الآتية ، وهذه الحاشية ليست في « ا ».
قوله : وصحيحة حميد بن المثنى. ( ٢ : ١٢ ).
هذه لا دلالة لها على مدعاهم ولم يجعلوها دليلا ، بل الذي له دلالة ما ورد في استبراء الجارية (١) واستبراء الزنا (٢) وعدّة الجارية (٣) والمتعة (٤) وغيرهما ، وكونها بالحيض ، وأن العدة بالحيض ، وكذا الاستبراء لبراءة الرحم ، وأن بالحمل يرتفع الطمث ، أو بفساد الرحم والدم (٥) ، وأن بانقضاء شهر يحصل الريبة ، ورد (٦) في تفسير قوله تعالى ( إِنِ ارْتَبْتُمْ ). (٧) ، وكذا في تسمية الحيض استبراء ، كتسمية مضي خمسة وأربعين يوما ، إلى غير ذلك ، فلاحظ تلك الأخبار وتأمّل وتتبع الكل ، وهي في كتاب النكاح ، والطلاق ، والبيع.
وفي الخبر : « إن الرجل يأتي جاريته فتعلق منه ، فترى الدم وهي حبلى فترى أن ذلك طمث فيبيعها فما أحب للرجل المسلم » الحديث (٨).
قوله : واحتج عليه بأن الحيض يعمل فيه بالعادة وبالأمارة. ( ٢ : ١٦ ).
هذا وإن اقتضى أن تكون المضطربة أيضا ترجع إليها إلاّ أن الفرض لا يتحقق هناك ، إذ ربما كان من قبيل المحال أن تكون عادة نسائها متفقة
__________________
(١) انظر الوسائل ١٨ : ٢٥٧ ، أبواب بيع الحيوان ب ١٠ ح ١.
(٢) انظر الوسائل ٢٢ : ٢٦٥ ، أبواب العدد ب ٤٤.
(٣) انظر الوسائل ٢٢ : ٢٥٦ ، أبواب العدد ب ٤٠.
(٤) انظر الوسائل ٢٢ : ٢٧٧ أبواب العدد ب ٥٣.
(٥) انظر الوسائل ٢٢ : ٢٢٤ أبواب العدد ب ٢٥ ح ٤ و ٥.
(٦) الوسائل ٢ : ٢٩٢ ، أبواب الحيض ب ٩ ح ١.
(٧) الطلاق : ٤.
(٨) التهذيب ٨ : ١٧٨ / ٦٢٣ ، الوسائل ٢١ : ٨٧ ، أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥ ح ١.
وعادتها عادة نسائها وتعلم ذلك ثم تنسى ، كما لا يخفى.
قوله : قال المصنف في المعتبر : ونحن نطالب بدليله فإنه لم يثبت. ( ٢ : ١٧ ).
لعل القائل كان نسخة حديثه المروي عن زرارة وابن مسلم : « أقرانها » بالنون ، وهذا هو الظاهر ، لكن يظهر بين الروايتين تعارض ، إلاّ أن يجمع بينهما بالتخيير أو (١) عند عدم النسب يرجع إلى الأقران : وكيف كان ، العمل على المشهور ، لانجبار رواية سماعة بعمل الأصحاب.
قوله : لأنّ ذلك خلاف المتبادر من اللفظ. ( ٢ : ١٨ ).
وإن كانت الإضافة تصدق بأدنى ملابسة ، لأنّ الصدق وصحة الإطلاق أمر ، ودلالة اللفظ عند عدم القرينة أمر آخر.
قوله : وقال المرتضى. ( ٢ : ١٩ ).
( ويدل عليه أيضا [ ما روي ] (٢) بسند معتبر عن الخزاز ، عن أبي الحسين عليهالسلام ، أنّه سأله عن المستحاضة كيف تصنع إذا رأت الدم وإذا رأت الصفرة؟ فقال : « أقل الحيض ثلاثة ، وأكثره عشرة ، وتجمع بين الصلاتين » (٣) (٤).
وتدل ( عليه أيضا ) (٥) مضمرة سماعة المتقدمة (٦).
__________________
(١) في « ج » : و.
(٢) ما بين المعقوفين أثبتناه لاستقامة العبارة.
(٣) التهذيب ١ : ١٥٦ / ٤٤٩ ، الاستبصار ١ : ١٣١ / ٤٥٠ ، الوسائل ٢ : ٢٩١ ، أبواب الحيض ب ٨ ح ٤.
(٤) ما بين القوسين ليس في : « ج » و « د ».
(٥) في « ب » و « ج » و « د » : على مذهبه.
(٦) في المدارك ٢ : ١٦.
ويؤيده اختلاف الأخبار في التحديد ، وإن كان كل واحد من العدد من الثلاثة إلى العشرة يحتمل كونه آخره ويصلح له ، فيصح أن يؤخذ له حتى يثبت خلاف ذلك.
لكن الأولى أن تختار الستة أو السبعة ، لغاية قوة سند روايتهما ومتنها أيضا ، كما لا يخفى على المتأمّل ، وأن تختار خصوص السبعة لما يظهر من آخر تلك الرواية.
قوله : ولا يخلو من قوة. ( ٢ : ٢١ ).
فيه تأمّل ظاهر ، أمّا أصالة لزوم العبادة فقد مرّ ما فيه في بحث اشتراط التوالي في الثلاثة وغيره (١).
وأمّا الاستظهار فإن كان المراد منه الاحتياط فلا بدّ من مراعاة الاحتياط ، فكيف تكتفي بهذا الصوم؟ ومع ذلك كيف يجامعها الزوج ، وتدخل المسجد؟ إلى غير ذلك ، وكيف تكتفي بالغسل الواقع بعد الثلاثة ، وتصلي وتصوم بخصوص هذا الغسل مطلقا ، إلى أن تحيض ثانيا؟
وإن أراد غير الاحتياط فلا نعلم معناه ولا وجهه. مع أنّ الحيض مستصحب حتى يثبت خلافه ، ومقتضى عموم قوله عليهالسلام : « لا تنقض اليقين أبدا » (٢) أيضا ذلك.
مع أن القاعدة الكلية وهي : أن ما يمكن أن يكون حيضا فهو حيض ، مسلمة عنده ، بل هو الذي ادعى عليها الإجماع. مضافا إلى ما مر مما يصلح أن يصير مستندا لها.
مع أن الرواية الواردة في هذا الباب وإن كانت ضعيفة إلاّ أنّها معتبرة
__________________
(١) راجع ج ١ : ٣٦٢ ـ ٣٦٤.
(٢) التهذيب ١ : ٨ / ١١ ، الوسائل ١ : ٢٤٥ ، أبواب نواقض الوضوء ، ب ١ ح ١.
عند الأصحاب ، سيّما ما دل على أنّها ترجع إلى عادة نسائها ، فإنها حجة عنده أيضا ، مع أنّ من لم يعمل بأخبار الآحاد عمل بها ، فيظهر أنها من الأخبار القطعية عنده ، وأنّها من المشهورات المسلمات عند القدماء ، فتأمّل.
قوله : فإن توافقا في الوقت أو مضى بينهما أقل الطهر فلا بحث. ( ٢ : ٢١ و ٢٢).
فيه : أن مقتضى العادة عدم كون التميز فيه معتبرا ، لمنافاته لها ، لاقتضاء كون حيضها على مقتضاها ، فتأمّل جدا.
قوله : ولما رواه محمّد بن مسلم. ( ٢ : ٢٣ ).
الشيخ وغيره لا تأمّل لهم في كون الصفرة في أيام العادة حيضا في صورة عدم التجاوز عن العشرة ، إنّما كلامهم في التجاوز ، فالاستدلال إنّما هو بإطلاق هذه الصحيحة ، فيمكنهم المعارضة بإطلاق ما دلّ على اعتبار الصفة ، بل أكثره وارد في صورة التجاوز ، بل ورواية إسحاق وردت في التجاوز عن أيام العادة العددية (١) ، فالأولى الترجيح بالأكثرية والأصحية والأوضحية في الدلالة ، بل وفي قوية يونس تصريح بتقديم العادة (٢) ، وأن الاعتبار بالصفة إنما هو إذا لم تكن عادة يرجع إليها ، وتعضده أيضا الشهرة في الفتوى ، وكونها أقوى في الدلالة.
قوله : وهو ضعيف. ( ٢ : ٢٣ ).
__________________
(١) الكافي ٣ : ٩١ / ٣ ، التهذيب ١ : ١٥١ / ٤٣١ ، الوسائل ٢ : ٢٧٥ ، أبواب الحيض ، ب ٣ ح ٣.
(٢) الكافي ٣ : ٨٣ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٨١ / ١١٨٣ ، الوسائل ٢ : ٢٧٦ ، أبواب الحيض ، ب ٣ ح ٤.
إن كان الضعف من جهة إطلاق ما دل على كون العادة أقوى ، ففيه :
أن الإطلاق ينصرف إلى الأفراد الغالبة ، والعادة المأخوذة من التميز في غاية القوة لو لم يكن من فروض الفقهاء ، فتأمّل.
قوله : وذهب الأكثر إلى أنّها تتخير. ( ٢ : ٢٥ ).
ويمكن الاستدلال برواية يونس الطويلة حيث قال : « تدع الصلاة قدر أقرائها أو قدر حيضها ». الحديث (١) ، فلاحظ وتأمّل.
قوله : وعلى القول برجوعها إلى الروايات. ( ٢ : ٢٦ ).
بناء على أن قوله في آخر مرسلة يونس : « فإن لم يكن الأمر كذلك ولكن الدم أطبق عليها فلم تزل الاستحاضة دارّة وكان الدم على لون واحد وحال واحدة فسنّتها السبع والثلاث والعشرون. » (٢) مطلق يشمل ما نحن فيه ، فلاحظ وتأمّل.
قوله (٣) : أو تجعله نهاية عشرة. ( ٢ : ٢٧ ).
الصواب أن يكون الواو بدل أو ، كما في كثير من النسخ.
قوله : أما الأوّل فلضعف مستنده بالإرسال وبأن في طريقه محمّد بن عيسى عن يونس. ( ٢ : ٢٨ ).
لا ضرر أصلا ، لانجباره بعمل الأصحاب ، سيّما هذا العمل ، مع أنّ المرسل يونس بن عبد الرحمن ، فلا ضرر في مرسلته ، ولا ضرر أيضا من جهة محمّد بن عيسى عن يونس ، لاتفاق علماء الرجال والحديث والفقهاء والمجتهدين على عدم الضرر ، نعم تأمّل فيه الصدوق وشيخه (٤) ، وطعن
__________________
(١) الكافي ٣ : ٨٣ / ١ ، الوسائل ٢ : ٢٨١ أبواب الحيض ب ٥ ح ١.
(٢) الكافي ٣ : ٨٣ / ١ ، الوسائل ٢ : ٢٨٨ أبواب الحيض ب ٨ ح ٣.
(٣) هذه الحاشية ليست في « ب » و « ج » و « د ».
(٤) انظر رجال النجاشي : ٣٣٣ / ٨٩٦.
عليهما بعض علماء الرجال (١) بأن محمّد بن عيسى كان على العدالة ، فلا وجه لاستثنائه ، فتدبر.
وربما توهّم أن الرجوع إلى الرواية مخصوص بالمبتدئة ، وليس كذلك ، لما يظهر بالتأمّل في آخر هذه الرواية.
قوله : وعملا بالأصل في لزوم العبادة وهو متجه. ( ٢ :٢٩ ).
قد عرفت أن هذا الأصل لا أصل له أصلا ، ولا اتجاه فيما ذكره ، سيما بعد ما عرفت من الرواية التي هي حجة ، ونقل الإجماع ، وعدّ ذلك من المعروف من المذهب.
قوله : أن لدم الاستحاضة. ( ٢ : ٢٩ ).
في الفقه الرضوي : « فإن لم يثقب الدم الكرسف صلت كل صلاة بوضوء ، وإن ثقب ولم يسل صلت صلاة الليل والغداة بغسل واحد ، وسائر الصلوات بوضوء ، وإن ثقب وسال صلت صلاة الليل والغداة بغسل ، والظهر والعصر بغسل ، تؤخر الظهر قليلا وتعجل العصر ، وتصلي المغرب والعشاء بغسل ، تؤخر المغرب قليلا وتعجل العشاء ، ومتى ما اغتسلت على ما وصفت حل لزوجها وطؤها » (٢).
وروى الشيخ في كتاب الحج ، عن موسى بن القاسم ، عن العباس عن ابان ، ( هذه كالصحيحة باعتبار أبان ، بل صحيحة ، كما حققناه في
__________________
(١) هو أبو العباس بن نوح على ما حكى عنه تلميذه النجاشي في الرجال :٣٤٨ / ٩٣٩.
(٢) فقه الرضا عليهالسلام : ١٩٣ ، المستدرك ٢ : ٤٣ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١ ، و ٢ : ٤٥ ، ب ٣ ح ١ ، بتفاوت يسير.
الرجال ) (١) عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام ، عن المستحاضة أيطأها زوجها ، وهل تطوف بالبيت؟ قال : « تقعد قرأها الذي كانت تحيض فيه ، فإن كان مستقيما فلتأخذ به ، وإن كان فيه خلاف فلتحتط بيوم أو يومين ، ولتغتسل ، ولتستدخل كرسفا ، فإذا ظهر على الكرسف فلتغتسل ، ثم تضع كرسفا آخر ثم تصلي ، فإذا كان دما سائلا فلتؤخر الصلاة إلى الصلاة ، ثم تصلي صلاتين بغسل واحد ، وكل شيء استحلت به الصلاة فليأتها زوجها ولتطف بالبيت » (٢).
وستجيء صحيحة نعيم وصحيحة زرارة ووجه دلالتهما.
وفي الموثق كالصحيح بيونس بن يعقوب ـ بل هو ثقة على الأظهر عند الشارح ـ قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : امرأة رأت الدم في حيضها حتى جاوز وقتها ، متى ينبغي لها أن تصلي؟ قال : « تنتظر عدتها التي كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أيام ، فإن رأت الدم دما صبيبا فلتغتسل في وقت كل صلاة » (٣) شرط عليهالسلام في الاغتسال في وقت كل صلاة كون الدم صبيبا ، والمشروط عدم عند عدم شرطه ، فلا يكفي مجرد الثقب.
وفي الصحيح أيضا ، عن يونس ، عن الصادق عليهالسلام ، عن امرأة ولدت فرأت الدم أكثر مما كانت ترى ، قال : « فلتقعد أيام قرئها ثم تستظهر بعشرة ، فإن رأت دما صبيبا فلتغتسل عند وقت كل صلاة ، وإن رأت صفرة فلتتوضأ ولتصل » (٤) ، والتقريب ما تقدم ، وعدم التعرض للمتوسطة غير مضر ، كما
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « أ » و « و» ، وانظر تعليقات الوحيد على منهج المقال : ١٧ ، ١٨.
(٢) التهذيب ٥ : ٤٠٠ / ١٣٩٠ ، الوسائل ٢ : ٣٧٥ ، أبواب الاستحاضة ، ب ١ ح ٨.
(٣) التهذيب ١ : ٤٠٢ / ١٢٥٩ ، الاستبصار ١ : ١٤٩ / ٥١٦ ، الوسائل ٢ : ٣٧٦ ، أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١١.
(٤) التهذيب ١ : ١٧٥ / ٥٠٢ ، الاستبصار ١ : ١٥١ / ٥٢٢ ، الوسائل ٢ : ٣٨٣ ، أبواب النفاس ب ٣ ح ٣.
ستعرف.
وفي الصحيح أيضا ، عن أبي بصير ، عن الصادق عليهالسلام ، عن المرأة ترى الدم ـ إلى أن قال عليهالسلام ـ : « فإذا تمت ثلاثون يوما فرأت دما صبيبا اغتسلت ، واستثفرت ، واحتشت بالكرسف في وقت كل صلاة ، فإذا رأت صفرة توضأت » (١) والتقريب أيضا ما تقدم.
وفي موثقة سماعة عنه عليهالسلام : « وغسل الاستحاضة واجب ، وإذا احتشت بالكرسف فجاز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل صلاتين ، وللفجر غسل ، فإن لم يجز الكرسف فعليها الغسل كل يوم مرة ، والوضوء لكل صلاة ، هذا إذا كان عبيطا ، وإن كان صفرة فعليها الوضوء » (٢).
وظاهرها تجاوز الدم عن الكرسف إلى غيره مثل الخرقة في صورة الأغسال الثلاثة ، ولعل الظاهر من عدم التجاوز إلى الغير وقوع الثقب ، إلاّ أنه لم يتعد إلى الغير ، وعلى تقدير الشمول خرجت القليلة بالنص والإجماع.
ونسب إلى ابن الجنيد القول بالغسل الواحد فيها أيضا (٣) ، وفي بعض الأخبار (٤) إشعار بمذهبه ، فلعله محمول على الاستحباب ، أو برفع اليد عن الإشعار.
وقوله عليهالسلام : « وإن كان صفرة. » لعله محمول على كونه من جهة
__________________
(١) التهذيب ١ : ٣٨٠ / ١١٨٠ ، الوسائل ٢ : ٢٨٦ ، أبواب الحيض ب ٦ ح ٣.
(٢) الكافي ٣ : ٤٠ / ٢ و ٨٩ / ٤ ، التهذيب ١ : ١٠٤ / ٢٧٠ ، و ١٧٠ / ٤٨٥ ، الوسائل ٢ : ١٧٣ أبواب الجنابة ب ١ ح ٣ ، و ٣٧٤ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٦.
(٣) نسبه إليه في المختلف ١ : ٢١٠.
(٤) الكافي ٣ : ٩٩ / ٤ ، التهذيب ١ : ١٧٣ / ٤٩٦ ، الوسائل ٢ : ٣٧٣ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٥.
القلة ، ولأنّ الغالب في القليلة الصفرة ، والغالب في ما كان عبيطا الكثرة ، أو أن المراد منها إذا كانت قليلة ، وأن القيد يظهر من الدليل الخارج ، كما هو الطريقة في الأدلة الفقهية ، سيّما أحاديث الاستحاضة ، إذ بعضها ورد متضمنا للأغسال الثلاثة على الإطلاق (١) ، وبعضها الوضوء كذلك ، على ما هو ببالي (٢) ، فليلاحظ.
وبالجملة : ورد غير واحد من الروايات في أن الصفرة فيه الوضوء ، فليلاحظ.
قوله : أما وجوب تغيير القطنة فعلّل بعدم العفو عن هذا الدم. ( ٢ : ٣٠ ).
يظهر من بعض الأخبار عدم العفو ، حيث قال عليهالسلام : « اغتسلت واستثفرت واحتشت بالكرسف وقت كل صلاة » (٣) ( وفي رواية إسماعيل الجعفي : « فإذا ظهر الدم أعادت الغسل وأعادت الكرسف » (٤) ، فتأمّل ) (٥) ، وليس متن ( الحديثين ) (٦) ببالي ، لكنه بهذا المضمون.
وفي صحيحة ابن سنان : « فتستدخل قطنة بعد قطنة » (٧) ، وتغيير
__________________
(١) انظر الوسائل ٢ : ٣٧٦ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١٢.
(٢) انظر الوسائل ٢ : ٣٧٦ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١٣.
(٣) راجع ص ١٤ هامش ١.
(٤) التهذيب ١ : ١٧١ / ٤٨٨ ، الاستبصار ١ : ١٤٩ / ٥١٢ ، الوسائل ٢ : ٣٧٥ ، أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١٠.
(٥) ما بين القوسين ليس في « ج » و « د ».
(٦) في « ب » و « ج » و « د » : الحديث.
(٧) لم نعثر على ورودها من ابن سنان ووردت في صحيحة صفوان ، أنظر الكافي ٣ : ٩٠ / ٦ ، الوسائل ٢ : ٣٧٢ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٣.
الخرقة ربما يكون من باب القياس بطريق أولى (١) ، ( ويدل على وجوب تغيير القطنة صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله (٢) التي ذكرنا ) (٣).
قوله : تصلي كل صلاة بوضوء. ( ٢ : ٣٠ ).
ظهور الدلالة إنما هو من تنكير لفظ الصلاة والوضوء في الحديثين ، فتأمّل.
قوله : وترك الوضوء يدل على عدم وجوبه. ( ٢ : ٣٠ ).
لعل مراده أن ترك التعرض لذكر مستحاضة يكون عليها الوضوء يدل على عدم تحققها ، إذ لو كانت لقال : لو لم يثقب دمها الكرسف تتوضأ لكل صلاة ، ولو ثقب تغتسل ، لأنّ المقام مقام بيان الأحكام المختصة بها ، فحيث اقتصر على الغسل ظهر أن الحكم المختص بها الذي يجب التعرض في مقام حكمها هو الغسل لا الوضوء لكل صلاة أيضا.
والحاصل أنّ قوله عليهالسلام : « المستحاضة تغتسل » ، في قوة القول بأن الاستحاضة سبب للغسل ، فلو كان سببا للوضوء أيضا وإن كان في صورة ما ، لما اقتصر على ذكر الغسل ، وحيث علم بالأخبار والإجماع أن القليلة ليست سببا للغسل ظهر أنها ليست سببا للوضوء أيضا ، وابن الجنيد رحمهالله وإن حكي عنه أنه قائل بوجوب الغسل في القليل أيضا فهو غير مطّلع على قوله ، مع أنّه لا يضر خروج معلوم النسب ، مع أنّه يقول بالغسل الواحد فيها لا الأغسال الثلاثة ، وحمل كلامه على ما ذكرنا أولى منه على ما ذكره الشارح رحمهالله إذ فساده غير خفي على ذي عقل ، فضلا عن مثله.
__________________
(١) في « ب » و « ج » و « د » زيادة : تأمّل.
(٢) راجع ص ١٣.
(٣) ما بين القوسين ليس في « أ » و « و».
والجواب عنه بأن المستحاضة في هذا الخبر مخصصة بغير القليلة قطعا ، كما ذكر ، ولعلها لها حكم آخر لم يتعرض في المقام.
وبالجملة : لو لم يكن دليل يدل على أن القليلة سبب للوضوء ومن جملة موجباته أمكن الاستناد إلى هذه الصحيحة في الجملة ، للحكم بعدم السببية فيها ، فتأمّل.
قوله : قال : المستحاضة تنتظر أيامها. ( ٢ : ٣٢ ).
في ذيل هذه الرواية ما يمكن أن يجعل قرينة على إرادة الكثيرة ، وهو أنه عليهالسلام قال بعد ذلك : « وتحتشي وتستثفر ولا تحني وتضم فخذيها في المسجد وسائر جسدها خارج » (١).
قوله : « تحتشي » فسر بربط خرقة محشوة بالقطن للتحفظ من تعدي الدم ، فظهر من هذه أن بعد الاحتشاء والاستثفار تربط الخرقة المذكورة.
وفي بعض النسخ : « تحتبي » أي تجمع الساقين والفخذين إلى الظهر بعمامة لأجل زيادة تحفظها من خروج الدم.
مع أن قوله عليهالسلام : « تضم فخذيها في المسجد » يكفي للإشارة والقرينة ، وكذا المنع عن صلاة التحية أو عن الاحتباء أو عن الانحناء ، والمنع عن دخولها المسجد ليس إلاّ من خوف تلويث المسجد.
مع أن الإطلاق في الثقب ربما ينصرف إلى الفرد الكامل ، كما هو مسلم في الإطلاقات ، ويظهر من بعض الاخبار أنّهم عليهمالسلام أطلقوا لفظ الثقب وأرادوا التجاوز ، فلاحظ.
هذا ، مضافا إلى الأخبار الكثيرة والشهرة العظيمة ، كما عرفت.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٨٨ / ٢ ، التهذيب ١ : ١٠٦ / ٢٧٧ ، الوسائل ٢ : ٣٧١ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١.
وعدم التعرض للمتوسطة غير مضر لأن جلّ أخبار المستحاضة قاصرة في ذكر بعض منها ، والمقامات كانت متفاوتة. مع أن المتوسطة من الأفراد النادرة ، كما سنشير إليه ، وإطلاق الأخبار يحمل على الغالب.
قوله : خرج منها من لم يثقب دمها الكرسف بالنصوص المتقدمة فيبقى الباقي. ( ٢ : ٣٢ ).
فيه ما أشرنا [ إليه من ] (١) أنّ أخبار باب المستحاضة عامتها وغالبها لا تخلو عن قصور ، و [ ما أشرنا إليه من ] (٢) وجه القصور.
مع أن في صدر الرواية في طريق الشيخ : « المرأة المستحاضة التي لا تطهر تغتسل عند كل صلاة » الحديث ، وربما يكون فيه إيماء إلى الكثيرة ، لأنّ الغالب بحسب الظاهر أنّها التي لا تطهر ويدوم دمها ويستمر ، مع أن الكثرة مظنة الدوام والقلة في معرض الانقطاع ، كالمتوسطة. وفي كتب اللغة أنّ المستحاضة من يسيل دمها من عرق العاذل ، وهذا ظاهر في الكثرة ، مع أنّ المطلق ينصرف إلى الكامل ، فتأمّل ويؤيده عدم ذكر القليلة.
مع أنه على تقدير العموم الضعيف وردت مخصصات كثيرة عرفت بعضها وستعرف ، متأيدة بعمل الأصحاب والشهرة العظيمة وأصالة البراءة عن التكاليف الكثيرة الزائدة والأوفقية إلى الملة السهلة السمحة. مع أنّه « ما من عام إلاّ وقد خص » من المسلّمات المشهورة ، سيّما العموم الذي يكون من المفرد المحلّى باللام ، حيث لم يوضع للعموم ولا عموم فيه لغة.
مع أنّ المتوسطة ربما تكون أقل وجودا ، لاشتراط الثقب مع عدم التجاوز ، إذ الغالب أنّه إن ثقب تجاوز ، ولعله لهذا لم يتعرض لذكرها
__________________
(١) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.
(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.
بالخصوص في صحيحة معاوية وما ماثلها ، فتأمّل.
مع إمكان حملها على الاستحباب بالنسبة إليها.
مع أنّ الشارح رحمهالله ومن وافقه كثيرا ما يعترضون بأن الجملة الخبرية ليست حقيقة في الوجوب أو صريحة فيه ، بل ربما يتأملون في الدلالة.
مضافا إلى أنّ المقام لا بدّ فيه من ارتكاب خلاف الظاهر قطعا ، فكون التخصيص بما ذكره الشارح أولى من الحمل على الطلب مع وجود ما أشرنا محل تأمّل. مع أنّه لا يخفى على المتأمّل أن هذا المقام الإجمال لا التفصيل ، وكذا الكلام في صحيحة صفوان الآتية.
قوله : احتج المفصلون. ( ٢ : ٣٣ ).
عبارة الفقه الرضوي (١) صريحة في مذهبهم ، وموثقة سماعة (٢) ظاهرة فيه ، وكذا كل خبر يتضمن لكون الشرط في الأغسال الثلاثة كون الدم صبيبا ومثل هذه العبارة ( وقد تقدم الكلام ) (٣).
قوله : والجواب عن الرواية الأولى : أنّ موضع الدلالة فيها. ( ٢ : ٣٣ ).
ليس كذلك ، بل موضع الدلالة قوله عليهالسلام : « فإن كان الدم فيما بينها وبين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضأ ، ولتصل عند وقت كل صلاة » فإنه نص في أنّه ما لم يتحقق السيلان من خلف الكرسف لم يكن عليها غسل لصلاة المغرب والعشاء بل تتوضأ لكل واحدة منهما ، وهذا
__________________
(١) راجع ص ١٢.
(٢) راجع ص ١٤.
(٣) ما بين القوسين لم يرد في « ب » و « ج » و « د ».
شامل للمتوسطة يقينا ، وهو الموافق للمشهور وحجة على الشارح وشيخه.
وكذا قوله عليهالسلام : « فإن كان الدم إذا أمسكت الكرسف. » فإنه ظاهر في أنّ الغسل ثلاث مرات مشروط بالسيلان من خلف الكرسف ، سيما بعد ملاحظة العبارة الأولى ، إذ يظهر أنّ هذه العبارة في مقابل الأولى ، وأنّ هذا الشق شق مقابل للأولى. وأمّا قوله : « صبيبا » تأكيد وتوضيح للسيلان ، لأنّه المحقق له غالبا ، وتأكيد أيضا في أنّ الثلاثة الأغسال ليست في صورة عدم السيلان ، وأنّه ما لم يتحقق السيلان لا يكون البتة ، ولا يكون بمجرد الظهور البتة (١) ، وحيث ثبت بالدلالة الواضحة المتعددة المتأكدة انحصار الأغسال الثلاثة في الكثيرة ثبت مذهبهم وبطل مذهب الخصم ، وثبت كون المتوسطة ـ كما يقول به المفصلون ـ موافقا للقليلة في المغرب والعشاء ، وللإجماع على كونها حدثا والإجماع على كونها مغايرة للقليلة بحسب الحكم ، والإجماع بل والضرورة في أنّها ليست لها حكم آخر ، وكل ذلك من مسلّمات الخصم أيضا.
وأمّا قوله عليهالسلام : « وإن طرحت الكرسف. » ظاهر في أن المراد السيلان في صورة طرحها الكرسف ، لا في صورة إمساكها الكرسف ، ولا خفاء في ذلك على من له أدنى تأمّل وملاحظة في الحديث.
فالمستفاد منه أن عدم الغسل في صورة عدم السيلان سواء أمسكت الكرسف أم لا ، وفي صورة السيلان يكون الغسل البتة ، أما مع الإمساك فثلاثة أغسال ، وأمّا مع عدمه وجب عليها الغسل ، وفيه إجمال لا يضر المستدل أصلا بلا شبهة ، بل ينفعه ، فإنّ المراد غسل صلاة المغرب
__________________
(١) ليس في « ج » و « د ».